للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي إِمْكَان الرَّد إِلَى فعله تَعَالَى (قَول أبي مَنْصُور) الماتريدي (إبانة مثل حكم أحد الْمَذْكُورين بِمثل علته فِي الآخر) فَالْمُرَاد بالمذكورين الأَصْل وَالْفرع، ومذكورية الأَصْل ظَاهر لكَونه مَنْصُوصا عَلَيْهِ من حَيْثُ الحكم، وَأما مذكورية الْفَرْع فباعتبار أَن ذكر الأَصْل مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِحكم مُعَلل بعلة مَوْجُودَة فِي الْفَرْع يسْتَلْزم ذكر الْفَرْع ضمنا بِأحد الْمَذْكُورين الأَصْل وَالْآخر الْفَرْع. وَإِنَّمَا قَالَ بِمثل علته لِأَن الْعلَّة الْمَوْجُودَة فِي الْفَرْع لَيست عين الْعلَّة الْمَوْجُودَة فِي الأَصْل لكَون كل مِنْهُمَا عرضا شخصيا قَائِما بمحله الشخصي كَمَا أَن حكم كل وَاحِد مِنْهُمَا كَذَلِك (فتصحيحه) أَي التَّعْرِيف الْمَذْكُور (بإبانة الشَّارِع) أَي بِحمْل الْإِبَانَة على إبانة الشَّارِع لَا على إبانة الْمُجْتَهد، وَهَذَا التَّوْجِيه وَقع (بِخِلَاف قَوْلهم) أَي جمع من الْحَنَفِيَّة (أَنه) أَي اخْتِيَار الْإِبَانَة (لإِفَادَة أَن الْقيَاس مظهر للْحكم لَا مُثبت) لَهُ (بل الْمُثبت هُوَ الله سُبْحَانَهُ) وَتَعَالَى ثمَّ أَشَارَ إِلَى رد مَا قَالُوا بقوله (لِأَن) الْأَدِلَّة (السمعية) من الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع (حِينَئِذٍ) أَي حِين لوحظ هَذَا الْمَعْنى (كلهَا كَذَلِك) أَي مظهرة للْحكم فِي الْحَقِيقَة لَا مثبتة لَهُ لأئها (إِنَّمَا تظهر الثَّابِت من حكمه) تَعَالَى (وَهُوَ) أَي حكمه أَو الثَّابِت من حكمه الْخطاب (النَّفْسِيّ) لكَونه مندرجا فِي كَلَامه النَّفْسِيّ. (ثمَّ) يرد (عَلَيْهِ) أَي على تَعْرِيف الماتريدي (أَن إبانته) أَي الْمُجْتَهد على مَا هُوَ الظَّاهِر، أَو الشَّارِع على التَّصْحِيح (الحكم) مفعول إبانته (لَيْسَ نفس الدَّلِيل) الَّذِي هُوَ الْقيَاس، وَلَا بُد من صِحَة الْحمل بَين الْمُعَرّف والمعرف (بل) ذَلِك أَمر (مُرَتّب على النّظر الصَّحِيح فِيهِ) أَي فِي الدَّلِيل عَادَة، وكلامنا إِنَّمَا هُوَ فِي تَعْرِيف نفس الدَّلِيل الَّذِي هُوَ الْقيَاس (وَيجب حذف مثل فِي) قَوْله (مثل حكم) أحد الْمَذْكُورين (لِأَن حكم الْفَرْع هُوَ حكم الأَصْل) فَإِن حكم الْخمر والنبيذ مثلا شَيْء وَاحِد، وَهُوَ الْحُرْمَة، وخصوصية الْمحل غير مَنْظُور فِي كَونهَا حكما (غير أَنه نَص عَلَيْهِ فِي مَحل) وَهُوَ الأَصْل (وَالْقِيَاس يُفِيد أَنه) أَي الحكم ثَابت (فِي غَيره) أَي فِي غير ذَلِك الْمحل وَهُوَ الْفَرْع (أَيْضا) نقل عَن المُصَنّف هَهُنَا، يَعْنِي أَن حكم كل من الأَصْل وَالْفرع وَاحِد لَهُ إضافتان إِلَى الأَصْل بِاعْتِبَار تعلقه بِهِ، وَإِلَى الْفَرْع كَذَلِك فَلَا يَتَعَدَّد فِي ذَاته بِتَعَدُّد الْمحل، بل هُوَ وَاحِد لَهُ تعلق بكثيرين كَمَا أَن الْقُدْرَة شَيْء وَاحِد مُتَعَلق بالمقدورات (وَكَذَا) يجب حذف (مثل فِي بِمثل علته) فَإِن الْعلَّة المثيرة للْحكم فِي الأَصْل بِعَينهَا المثيرة لَهُ فِي الْفَرْع (ومبنى هَذَا الْوَهم) وَهُوَ أَنه لَا بُد من ذكر مثل فِي كلا هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ على كثير (حَتَّى قَالَ مُحَقّق) وَهُوَ القَاضِي شَارِح الْمُخْتَصر (لَا بُد أَن يعلم عِلّة الحكم فِي الأَصْل، وَثُبُوت مثلهَا فِي الْفَرْع، إِذْ ثُبُوت عينهَا) فِي الْفَرْع (لَا يتَصَوَّر لِأَن الْمَعْنى) المتحقق (الشخصي لَا يقوم بمحلين، وَبِذَلِك) أَي بِالْعلمِ بعلة الحكم فِي الأَصْل

<<  <  ج: ص:  >  >>