وَثُبُوت مثلهَا فِي الْفَرْع (يحصل ظن مثل الحكم فِي الْفَرْع، وَبَيَان وهمهم أَن الحكم وَهُوَ الْخطاب النَّفْسِيّ جزئي حَقِيقِيّ لِأَنَّهُ) أَي الْخطاب النَّفْسِيّ (وصف مُتَحَقق فِي الْخَارِج قَائِم بِهِ تَعَالَى فَهُوَ وَاحِد لَهُ متعلقات كَثِيرَة) شارة إِلَى مَا ذهب إِلَيْهِ أهل الْحق من أَنه تَعَالَى مُتَكَلم بِكَلَام قديم وَاحِد بالشخص قَائِم بِذَاتِهِ لَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت هُوَ بِهِ طَالب بِهِ مخبر، فَالْكَلَام النَّفْسِيّ من حَيْثُ إِضَافَته إِلَى فعل العَبْد من حَيْثُ الطّلب اقْتِضَاء، أَو تَخْيِير، وَمن حَيْثُ أَنه حكم بتعلق شَيْء بِشَيْء كالسببية والشرطية إِلَى غير ذَلِك يُسمى خطابا نفسيا، وَهَذِه إِضَافَة على وَجه الْعُمُوم ينْدَرج تَحْتَهُ أَنْوَاع وأصناف وأشخاص من الْإِضَافَة، فالتعلقات الْكَثِيرَة عبارَة عَن تِلْكَ الإضافات (وَمَا ذكر) من أَن الْمَعْنى الشخصي لَا يقوم بمحلين (إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِيقَة قيام الْعرض الشخصي بِالْمحل كالبياض الشخصي الْقَائِم بِالثَّوْبِ الشخصي يمْتَنع أَن يقوم) هَذَا الْبيَاض الشخصي الْمَذْكُور حَال كَونه متلبسا (بِعَيْنِه) أَي بتعينه الشخصي (بِغَيْرِهِ) صلَة للْقِيَام، أَي بِغَيْر ذَلِك الثَّوْب الشخصي الْمَذْكُور، وصفات الله تَعَالَى لَيست من مقولة الْعرض وَلَا يُقَاس بهَا، على أَنه لَو سلم كَونهَا مثل الْأَعْرَاض فِي اسْتِحَالَة قِيَامهَا بمحلين لَا ينفع الواهم الْمَذْكُور، لِأَن الْخطاب الْمَذْكُور لَا يقوم إِلَّا بِذَاتِهِ المقدسة، غَايَة الْأَمر أَن لَهُ تعلقات وإضافات بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيرهَا لَا أَنه قَائِم بِالْغَيْر، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (والكائن هُنَا) أَي فِي الْخطاب النَّفْسِيّ الْمُتَعَلّق بالمحال المتعددة إِنَّمَا هُوَ (مُجَرّد إضافات مُتعَدِّدَة لوَاحِد شخصي) هُوَ الْخطاب النَّفْسِيّ (وَكَذَلِكَ لَا يمنعهُ الشخصية) أَي مثل هَذَا الْقدر وَهُوَ أَن يكون بِاعْتِبَار الإضافات لَا يمنعهُ شخصية الْمَعْنى الْقَائِم بالشخص (فالتحريم الْمُضَاف إِلَى الْخمر بِعَيْنِه لَهُ إِضَافَة أُخْرَى إِلَى النَّبِيذ وَمثله مِمَّا لَا يُحْصى) من الْمعَانِي الشخصية المتكثرة بِاعْتِبَار التعلقات (كالقدرة الْوَاحِدَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى المقدورات لَيست) الْقُدْرَة (قَائِمَة بهَا) أَي بالمقدورات (بل) قَائِمَة (بِهِ تَعَالَى، وَلها إِلَى كل مَقْدُور إِضَافَة يَعْتَبِرهَا الْعقل، وَكَذَا الْوَصْف) الَّذِي هُوَ عِلّة الحكم فِي الأَصْل وَالْفرع وَاحِد وَلَا يلْزم مِنْهُ قيام شخص بمحلين (إِذْ لَيْسَ) الْوَصْف (المنوط بِهِ) الحكم (الْوَصْف الجزئي، بل) هُوَ الْوَصْف (الْكُلِّي، وَهُوَ) أَي ذَلِك الْكُلِّي (بِعَيْنِه ثَابت فِي الْمحَال) الأَصْل وَالْفرع بِاعْتِبَار أَفْرَاد كل مِنْهُمَا، فَإِن الْخمر مثلا مَفْهُوم تحتهَا جزئيات لَا تحصى، وَكَذَا النَّبِيذ (فمناط حُرْمَة الْخمر الْإِسْكَار مُطلقًا لَا إسكار الْخمر، وَلِأَنَّهُ) أَي إسكار الْخمر مَعْطُوف على الْمَعْنى: أَي لما ذكرنَا أَن المنوط بِهِ كلي ثَابت بِعَيْنِه فِي الْمحَال، وَلِأَنَّهُ (قَاصِر عَلَيْهِ) أَي على الأَصْل الَّذِي هُوَ الْخمر (فتمتنع التَّعْدِيَة) لكَونه قاصرا على الأَصْل كَمَا سَيَأْتِي (وَهَذَا) أَي كَون المناط فِي حُرْمَة الْخمر كليا (لِأَنَّهُ) أَي المناط إِنَّمَا هُوَ الْأَمر (الْمُشْتَمل على الْمَفَاسِد واشتماله) عَلَيْهَا (لَيْسَ بِقَيْد كَونه إسكار كَذَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute