أَي الْخمر مثلا (بل) بِاعْتِبَار أَنه (إسكار) مُطلق (وَهُوَ) أَي الْإِسْكَار الْمُطلق (بِعَيْنِه ثَابت فِي الْمحَال) كلهَا (وعَلى هَذَا كَلَام النَّاس) فِيهِ تَعْرِيض بِأَن مَا ابتدعه هَؤُلَاءِ خلاف كَلَام النَّاس (وَإِنَّمَا يحصل من العلمين) أَي الْعلم بعلة الحكم فِي الأَصْل وَالْعلم بثبوتها فِي الْفَرْع (ظن) للْحكم فِي الْفَرْع لَا قطع (لجَوَاز كَون خُصُوص الأَصْل شرطا) للْحكم فِيهِ (و) كَون خُصُوص (الْفَرْع مَانِعا) مِنْهُ، وَلَا يخفى أَن هذَيْن الِاحْتِمَالَيْنِ لَا يُنَافِي وَاحِد مِنْهُمَا الْعلم بعلية الْوَصْف، إِذْ لَيْسَ المُرَاد من الْعلم بعليته الْقطع بِكَوْنِهِ عِلّة تَامَّة بِحَيْثُ لَا يحْتَاج فِي إِثْبَات الحكم إِلَى شَرط. وَدفع مَانع، على أَن الظَّاهِر أَن المُرَاد بِالْعلمِ مُطلق التَّصْدِيق فَيشْمَل الظَّن (وَأورد على عكس التَّعْرِيف) الْمَذْكُور وَهُوَ مُسَاوَاة مَحل لآخر فِي عِلّة حكم شَرْعِي إِلَى آخِره (أَمْرَانِ: الأول قِيَاس الْعَكْس) وَهُوَ إِثْبَات نقيض حكم الشَّيْء فِي شَيْء آخر بنقيض علته فَإِنَّهُ قِيَاس، وَلَا يصدق عَلَيْهِ التَّعْرِيف لعدم الْمُسَاوَاة فِيهِ بَين الأَصْل وَالْفرع فِي الحكم وَالْعلَّة وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَإِنَّهُ) أَي قِيَاس الْعَكْس (مُثبت لنقيض حكم الأَصْل فِي الْفَرْع كَقَوْل حَنَفِيّ) لإِثْبَات وجوب الصَّوْم فِي الِاعْتِكَاف الْوَاجِب كَمَا فِي ظَاهر الرِّوَايَة، أَو فِي مطلقه كَمَا فِي رِوَايَة الْحسن عَن أبي حنيفَة (لما وَجب الصَّوْم شرطا للاعتكاف بنذره) أَي الصَّوْم مَعَ الِاعْتِكَاف بِأَن يَقُول مثلا: نذرت الِاعْتِكَاف صَائِما (وَجب) الصَّوْم للاعتكاف (بِلَا) شَرط (نذر) للصَّوْم مَعَ الِاعْتِكَاف بِأَن يَقُول نذرت الِاعْتِكَاف من غير ذكر الصَّوْم إِن كَانَ الْمُدعى إِثْبَات وجوب الصَّوْم فِي الِاعْتِكَاف الْوَاجِب، أَو بِأَن يعْتَكف من غير نذر إِن كَانَ الْمُدعى إِثْبَات وجوب الصَّوْم فِي مطلقه (كَالصَّلَاةِ لما لم تجب شرطا لَهُ) أَي الِاعْتِكَاف (بِالنذرِ) أَي بِنذر الصَّلَاة مَعَ الِاعْتِكَاف بِأَن يَقُول نذرت الِاعْتِكَاف مُصَليا من غير ذكر الصَّلَاة أَو يعْتَكف من غير نذر (لم تجب بِغَيْر نذر) للصَّلَاة مَعَ الِاعْتِكَاف بِأَن يَقُول نذرت الِاعْتِكَاف، ثمَّ أَرَادَ أَن يبين الأَصْل وَالْفرع وَالْعلَّة وَالْحكم فِي الْقيَاس الْمَذْكُور، فَقَالَ (ومضمون الشَّرْط) يَعْنِي وجوب الصَّوْم شرطا للاعتكاف بنذره على مَا سبق وَعدم وجوب الصَّلَاة شرطا للاعتكاف بِالنذرِ (فِي الأَصْل الصَّلَاة) عطف بَيَان للْأَصْل (وَالْفرع) عطف على الأَصْل: أَي ومضمون الشَّرْط فِي الْفَرْع (الصَّوْم) عطف بَيَان وَلَا يخفى عَلَيْك أَن مَضْمُون الشَّرْط عبارَة عَن المضمونين المتخالفين مُتَحَقق فِي كل من الأَصْل وَالْفرع وَاحِد مِنْهُمَا (عِلّة) خبر الْمُبْتَدَأ أَعنِي مَضْمُون الشَّرْط (لمضمون الْجَزَاء) يَعْنِي وجوب الصَّوْم بِلَا نذر، وَعدم وجوب الصَّلَاة بِغَيْر نذر والتوزيع هَهُنَا كالتوزيع فِي مَضْمُون الشَّرْط (فيهمَا) أَي فِي الأَصْل وَالْفرع، فقد عرفت أَن حكم الأَصْل يُخَالف حكم الْفَرْع وَأَن عِلّة الحكم فِي الأَصْل تخَالف عِلّة الحكم فِي الْفَرْع، وَعرفت أَن قَول المُصَنّف مُثبت لنقيض حكم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute