للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوب الصَّلَاة بنذرها مَعَ الِاعْتِكَاف فَلَو كَانَ للنذر تَأْثِير فِي وجوب مَا اقْترن بالاعتكاف عِنْد انْعِقَاده لَوَجَبَتْ الصَّلَاة المقترنة بالاعتكاف مُصَليا (فَهِيَ) أَي الْعلَّة (الِاعْتِكَاف) فَقَط، فَعلم أَن الصَّلَاة لم تذكر للْقِيَاس عَلَيْهَا بل لبَيَان إِلْغَاء مَا يتَوَهَّم كَونه فارقا وَالْوَجْه الثَّانِي مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (أَو الصَّوْم) بالْخبر عطفا على الِاعْتِكَاف فِي قَوْله مُسَاوَاة الِاعْتِكَاف: أَي وَلِأَن المُرَاد مُسَاوَاة الصَّوْم (مَعَ نَذره) أَي مَعَ نذر الصَّوْم فِي الِاعْتِكَاف فَهُوَ الْفَرْع (بِالصَّلَاةِ) المتلبسة أَو (بِالنذرِ) فِي الِاعْتِكَاف، فَهِيَ الأَصْل (فِي حكم هُوَ عدم إِيجَاب النّذر) قرن بالاعتكاف من الصَّوْم أَو الصَّلَاة فَإِنَّهُمَا متساويان فِي عدم إِيجَاب النّذر إِيَّاه وَإِن اخْتلفَا فِي الْوُجُوب وَعَدَمه، وَلم يذكر الْعلَّة لعدم إِيجَابه فِي الصَّلَاة ولعلها كَونهَا عبَادَة مَقْصُودَة لذاتها فَلَا تجب شرطا لما هُوَ مثلهَا بل دونهَا (وَهُوَ) أَي الحكم المفاد للْقِيَاس على هَذَا التَّقْدِير (ملزوم الْمَطْلُوب) لَا عينه (وَهُوَ) أَي الْمَطْلُوب (أَن وُجُوبه) أَي الصَّوْم (بِغَيْرِهِ) أَي بِغَيْر النّذر وَغَيره مِمَّا يصلح عِلّة لوُجُوب الصَّوْم منحصر فِي الِاعْتِكَاف لما عرفت وَالِاعْتِكَاف مَوْجُود فِي اعْتِكَاف لم ينذر فِيهِ الصَّوْم فَيجب الصَّوْم فِيهِ لوُجُود الْعلَّة، فقد علم بذلك أَن الْقيَاس تَارَة لَا ينْتج غير الْمَطْلُوب بل ملزوم لملزوم الْمَطْلُوب فَتدبر (وَالْأَوْجه كَونه) أَي قِيَاس الْعَكْس (مُلَازمَة وَقِيَاسًا) لبيانها أَي حَقِيقَة مركبة من شَرْطِيَّة وَقِيَاس مَذْكُور لبيانها، فالشرطية نَحْو (لَو لم يشرط الصَّوْم للاعتكاف) الْمُطلق (لم يشرط) الصَّوْم لَهُ (بِالنذرِ) وَالْقِيَاس مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (كَالصَّلَاةِ) يَعْنِي أَن الصَّوْم كَالصَّلَاةِ فِي كَون كل وَاحِد مِنْهُمَا بِحَيْثُ يتَفَرَّع على عدم اشْتِرَاطه للاعتكاف الْمُطلق عدم اشْتِرَاطه للاعتكاف الْمُقَيد بِالنذرِ، وَهَذِه قَضِيَّة حملية إِحْدَى مقدمتي الْقيَاس الْمَذْكُور لبَيَان الْمُلَازمَة. وَالْأُخْرَى مَا أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله (لم تشرط فَلم تشرط بِهِ) أَي حَيْثُ لم تشْتَرط الصَّلَاة للاعتكاف الْمُطلق لم تشْتَرط للاعتكاف الْمُقَيد بِالنذرِ، وَهَذِه قَضِيَّة حملية إِحْدَى مقدمتي الْقيَاس الْمَذْكُور الْمُطلق أَمر مُقَرر فَألْحق بهَا الصَّوْم فِي هَذَا الْمَعْنى لِاسْتِوَائِهِمَا فِي معنى الْقرْبَة الْمُوجبَة للاعتكاف زِيَادَة الثَّوَاب من غير فَارق، لَكِن يبْقى هَهُنَا مناقشة وَهُوَ أَن انْتِفَاء الاشتراطين فِي الصَّلَاة مُسلم لَكِن تفرع أَحدهمَا على الآخر غير مُسلم، وَالِاسْتِدْلَال مَبْنِيّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا التَّوْجِيه أوجه (لعمومه) أَي هَذَا التَّوْجِيه مَا ذكر من قَول الْحَنَفِيّ وَغَيره فَيعم (قَول شَافِعِيّ فِي تَزْوِيجهَا) أَي الْحرَّة الْعَاقِلَة الْبَالِغَة (نَفسهَا يثبت الِاعْتِرَاض) للأولياء (عَلَيْهَا) فَادّعى أَولا عدم لُزُوم صِحَة تَزْوِيج الْمَرْأَة نَفسهَا لثُبُوت اعْتِرَاض الْوَلِيّ عَلَيْهَا. ثمَّ بَين الْمُلَازمَة بقوله كَالرّجلِ إِلَى آخِره، وتلخيص الْبَيَان نَحن وجدنَا صِحَة تَزْوِيج النَّفس فِي الرجل مَعَ عدم ثُبُوت

<<  <  ج: ص:  >  >>