الِاعْتِرَاض فَعرفنَا أَن الصِّحَّة لَا تفارق عدم ثُبُوته، فَحَيْثُ انْتَفَى عدم ثُبُوته حكمنَا بِعَدَمِ الصِّحَّة. وَلَا يخفى ضعفه، لِأَن اجْتِمَاع الصِّحَّة مَعَ عدم ثُبُوت الِاعْتِرَاض لَا يُفْضِي أَن لَا تُفَارِقهُ الصِّحَّة لجَوَاز أَن يجْتَمع مَعَ نقيضه أَيْضا (فَلَا يَصح مِنْهَا كَالرّجلِ لما صَحَّ مِنْهُ) تَزْوِيج نَفسه (لم يثبت) الِاعْتِرَاض لَهُم (عَلَيْهِ فمضمون الْجَزَاء) وَهُوَ عدم ثُبُوت الِاعْتِرَاض (فِي الأَصْل وَهُوَ) فِي الأَصْل (الرجل عِلّة للْحكم مَضْمُون الشَّرْط) بِالْجَرِّ على الْبَدَل من الحكم، أَو عطف بَيَان وَهُوَ صِحَة تَزْوِيج النَّفس حَال كَون مَضْمُون الشَّرْط (قلب الأَصْل) أَي عكس مَا هُوَ الأَصْل فِي بَيَان الْمُلَازمَة (وَالْوَجْه) الْوَجِيه (قلبه) أَي قلب الْقلب بِأَن يُقَال لما لم يثبت الِاعْتِرَاض عَلَيْهِ صَحَّ مِنْهُ، فَيُقَال حِينَئِذٍ فمضمون الشَّرْط فِي الأَصْل عَلَيْهِ لمضمون الْجَزَاء على طبق مَا مر أَولا فِي تَقْرِيره، وَلما كَانَ الْمَقْصُود من هَذِه التوجيهات تَحْصِيل الْمُسَاوَاة بَين الْفَرْع وَالْأَصْل فِي عِلّة الحكم، وَكَانَ الْفَرْع وَالْأَصْل فِي الصُّورَة الأولى الِاعْتِكَاف بِلَا نذر الصَّوْم وَالِاعْتِكَاف بنذره وهما متساويان فِي الْعلَّة الَّتِي هِيَ الِاعْتِكَاف. وَفِي الثَّانِيَة الْمَرْأَة وَالرجل، وَالْعلَّة فِي الأَصْل عدم ثُبُوت الِاعْتِرَاض، وَهُوَ غير مُتَحَقق فِي الْفَرْع أَرَادَ أَن يبين وَجه مساواتهما، فَقَالَ (والمساواة فِي هَذَا) الْقلب من قِيَاس الْعَكْس حَاصِلَة (على تَقْدِير مَضْمُون الْجَزَاء) يَعْنِي عدم ثُبُوت الِاعْتِرَاض (الْمَقِيس عَلَيْهِ) صفة لمضمون الْجَزَاء على سَبِيل التَّجَوُّز لِأَن الْمَقِيس عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ الرجل غير انه ملحوظ ومعتبر فِي جَانِبه كَأَنَّهُ متمم لَهُ وَتَقْدِيره عبارَة عَن وُقُوعه جَزَاء لشرط مَفْرُوض كَمَا يُشِير إِلَيْهِ بقوله (وَتَقْدِيره) أَي مَضْمُون الْجَزَاء (فِي الْمِثَال) الْمَذْكُور (لَو صَحَّ) مِنْهَا تَزْوِيج النَّفس (لما ثَبت الِاعْتِرَاض) عَلَيْهَا كَالرّجلِ لما لم يثبت الِاعْتِرَاض صَحَّ مِنْهُ تَزْوِيج النَّفس (فَعدم الِاعْتِرَاض تساوى) الْمَرْأَة الَّتِي هِيَ الْفَرْع (بِهِ) أَي بِسَبَب عدم الِاعْتِرَاض (الرجل) بِالنّصب على أَنه مفعول تساوى بِنَاء (على التَّقْدِير) وَالْفَرْض لصِحَّة نِكَاحهَا فَعدم الِاعْتِرَاض ملحوظ فِي جَانب الْفَرْع، أَعنِي الْمَرْأَة، وَفِي جَانب الأَصْل وَهُوَ الرجل، وَإِن كَانَ فِي الأول بِحَسب الْفَرْض، وَفِي الثَّانِي بِحَسب نفس الْأَمر فَصَارَ عدم الِاعْتِرَاض عِلّة لصِحَّة التَّزْوِيج وَعدم صِحَّته فِي الأَصْل وَالْفرع وجودا وعدما (والمساواة) الْمَذْكُورَة (فِي التَّعْرِيف وَإِن تبادر مِنْهُ) أَي من إِطْلَاقهَا (مَا) أَي الْمُسَاوَاة الكائنة (فِي نفس الْأَمر كَمَا تقدم) آنِفا، لَكِن بِحَسب أصل الْوَضع (هِيَ) أَي الْمُسَاوَاة (أَعم مِمَّا) أَي من الْمُسَاوَاة الكائنة بِنَاء (على التَّقْدِير) وَالْفَرْض، وَمِمَّا فِي نفس الْأَمر فليحمل مَا فِي التَّعْرِيف على مَا يَقْتَضِيهِ أصل الْوَضع، وَالْمَقْصُود من هَذَا الإطناب إِدْخَال قِيَاس الْعَكْس فِي تَعْرِيف الْقيَاس الْمُطلق وَلَو بِضَرْب من التَّكْلِيف، لَا تَصْحِيح قِيَاس الْعَكْس، فَلَا نطول الْكَلَام بِبَيَان وُجُوه ضعفه، وَجَوَاب الْحَنَفِيَّة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute