الضَّمِير المستكن فِي الْخَبَر، وَيحْتَمل أَن يكون الْعُدُول بِمَعْنى الصّرْف فَلَا يحْتَاج إِلَى تَقْدِير الْبَاء وحذفها: أَي لَا يكون مصروفا عَنهُ، ثمَّ بَين سنَن الْقيَاس بقوله (أَن يعقل مَعْنَاهُ) أَي معنى حكم الأَصْل، وَالْمرَاد بمعقولية مَعْنَاهُ أَن تدْرك علته وحكمته الَّتِي شرع لَهَا (وَيُوجد) مَعْنَاهُ (فِي) مَحل (آخر فَمَا لم يعقل) مَعْنَاهُ من الْأَحْكَام (كأعداد الرَّكْعَات والأطوفة) فَإِن كَون رَكْعَات الْفجْر ثِنْتَيْنِ وَالظّهْر أَرْبعا وَالْمغْرب ثَلَاثًا وَكَون اشْتِرَاط الطّواف سبعا أَحْكَام لَا نَعْرِف علتها (ومقادير الزَّكَاة) من ربع الْعشْر فِي النَّقْدَيْنِ وَنَحْوهمَا وَغَيره على أنحاء مُخْتَلفَة (و) حكم (بعض مَا) أَي مَحل (خص) ذَلِك الْمحل (بِحكمِهِ كالأعرابي) الْمَعْهُود فَإِنَّهُ مَحل خص (بإطعام كَفَّارَته) عَن وُقُوعه على أَهله فِي نَهَار رَمَضَان، وقصته مَشْهُورَة (أَهله) مفعول إطْعَام، وَالْحكم الَّذِي اخْتصَّ بِهِ هُوَ الْإِطْعَام الْمَذْكُور فَإِنَّهُ لَا يُوجد فِي مَحل آخر غَيره (أَو عقل) مَعْنَاهُ (وَلم يَتَعَدَّ) حكمه إِلَى غَيره وَإِن كَانَ غَيره أعلا رُتْبَة مِنْهُ فِي ذَلِك الْمَعْنى (كَشَهَادَة خُزَيْمَة) بن ثَابت، روى أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْترى فرسا من سَوَاء بن الْحَارِث الْمحَاربي فجحده فَشهد لَهُ فَقَالَ مَا حملك على هَذَا وَلم تكن حَاضرا مَعنا، فَقَالَ صدقتك بِمَا جِئْت بِهِ وَعلمت أَنَّك لَا تَقول إِلَّا حَقًا، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " من شهد لَهُ خُزَيْمَة أَو شهد عَلَيْهِ فحسبه " (نَص على الِاكْتِفَاء بهَا) أَي بِشَهَادَتِهِ فَلَا حَاجَة إِلَى شَاهد آخر مَعَه (وَلَيْسَ) النَّص على الِاكْتِفَاء بهَا (مُفِيد الِاخْتِصَاص) أَي اخْتِصَاصه بالخصوصية (بل) مفيده (الْمَجْمُوع) الْمركب (مِنْهُ) أَي النَّص على الِاكْتِفَاء بهَا (وَمن دَلِيل منع تَعْلِيله) أَي النَّص على الِاكْتِفَاء (وَهُوَ) أَي دَلِيل منع تَعْلِيله (تكريمه) أَي خُزَيْمَة (لاختصاصه بفهم جلّ الشَّهَادَة لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) شَهَادَة ناشئة عَن إخْبَاره لَا عَن مُعَاينَة الْمخبر بِهِ من بَين الْحَاضِرين لإِفَادَة إخْبَاره الْعلم بِمَنْزِلَة العيان (فَلَا يبطل) اخْتِصَاصه (بِالتَّعْلِيلِ) المستلزم وجود الِاكْتِفَاء بِشَهَادَة غَيره عِنْد وجود الْعلَّة فِيهِ (فَقَوْل فَخر الْإِسْلَام) أَن الله شَرط الْعدَد فِي عَامَّة الشَّهَادَات وَثَبت بِالنَّصِّ قبُول شَهَادَة خُزَيْمَة وَحده لكنه (ثَبت كَرَامَة فَلَا يبطل بِالتَّعْلِيلِ فِي غير مَوْضِعه) قَوْله فِي غير مَوْضِعه خبر قَوْله، فَقَوْل فَخر الْإِسْلَام: وَإِنَّمَا اكْتفى بِالنَّقْلِ فِي الْمَنْقُول بِمُجَرَّد قَوْله ثَبت كَرَامَة فَلَا يبطل بِالتَّعْلِيلِ إِشَارَة إِلَى أَن عدم إِفَادَة مَا قبله للمقصود ظَاهر، نقل عَن المُصَنّف فِي بَيَان هَذَا الْمحل أَنه قَالَ: لِأَن التَّعْلِيل لَا يبطل كَونه كَرَامَة حَتَّى يمْتَنع بل تعديها إِلَى غَيره فَإِنَّمَا يبطل اخْتِصَاصه بِهَذِهِ الْكَرَامَة، فَالْوَجْه أَن يُقَال ثَبت كَرَامَة خص بهَا فَلَا يبطل بِالتَّعْلِيلِ، وَدَلِيل اخْتِصَاصه بهَا كَونهَا وَقعت فِي مُقَابلَة اخْتِصَاصه بالفهم فَإِن قلت اشْتِرَاط الْعدَد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute