عَاجلا ويحصلون الْبَدَل) أَي الْمَبِيع الْمَعْدُوم (آجلا) عِنْد حُلُول الْأَجَل الْمُسَمّى فِي البيع وَالْقَاعِدَة الشَّرْعِيَّة فِي البيع تَقْتَضِي محلا مَمْلُوكا للْبَائِع حَال البيع، وَقد أخرج السّلم عَن عمومها النَّص الدَّال على جَوَازه لعِلَّة أُشير إِلَيْهَا وَهِي مصلحَة المفاليس لما ذكر، وَفِيه إِشَارَة لما أَن الْعلَّة فِيهِ مَا ذكرنَا لَا مَا سَيذكرُهُ الشَّافِعِي (على مَا تشهد بِهِ الْآثَار) مُتَعَلق بِمَحْذُوف، تَقْدِير الْكَلَام شرع للْمصْلحَة الْمَذْكُورَة بِنَاء على مَا تشهد بِهِ الْآثَار فِي مَوْضِعه، وَلَا خلاف فِي جَوَاز السّلم آجلا (غير أَنه اخْتلف فِي جَوَازه حَالا فَلَمَّا كَانَ حَاصله) أَي السّلم (تَخْصِيصًا) لعُمُوم النَّهْي عَن بيع مَا لَيْسَ ملك الْإِنْسَان (عِنْد الشَّافِعِي علله) أَي الشَّافِعِي التَّخْصِيص أَو النَّص الدَّال عَلَيْهِ (بِدفع الْحَرج بإحضار السّلْعَة مَحل البيع وَنَحْوه) أَي نَحْو مَحَله أَو نَحْو إِحْضَار السّلْعَة بِمَا يُوجب الْحَرج لِأَن دَلِيل التَّخْصِيص يُعلل كَمَا ذكر، وَهَذِه الْعلَّة تَشْمَل الْحَال والمؤجل (وَوَقع للحنفية أَنه) أَي هَذَا التَّعْلِيل وَاقع (فِي مُقَابلَة النَّص الْقَائِل: من أسلف فِي شَيْء فليسلف فِي كيل مَعْلُوم وَوزن مَعْلُوم إِلَى أجل مَعْلُوم) وَوصف النَّص بالْقَوْل مجَاز، أَو المُرَاد بِهِ اللَّفْظ، وَأَرَادَ بِمن أسلف إِلَى آخِره الْمَعْنى فَلَا يلْزم اتِّحَاد الْقَائِل وَالْمقول فقد (أوجب فِيهِ) أَي فِي السّلم (الْأَجَل فالتعليل لتجويزه) أَي الْحَال (مُبْطل لَهُ) أَي للنَّص الْمُوجب للتأجيل، وَالتَّعْلِيل الْمُبْطل للنَّص بَاطِل، فَقَالَ الْحَنَفِيَّة وَمَالك وَأحمد لَا يجوز حَالا (وَمِنْه) أَي من الحكم الْمُخْتَص بِمحل كَرَامَة بِالنَّصِّ فَلَا يجوز إِبْطَاله بِالتَّعْلِيلِ بِنَاء (على ظن الشَّافِعِيَّة النِّكَاح بِلَفْظ الْهِبَة) أَي صِحَة النِّكَاح بلفظها (خص) النَّبِي (بِهِ) أَي بالحكم الْمَذْكُور (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخالصة لَك) فِي قَوْله تَعَالَى - {وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي إِن أَرَادَ النَّبِي أَن يستنكحها خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ}) - خَالِصَة مصدر مُؤَكد: أَي خلص إحلالها: أَي إحلال مَا أَحللنَا لَك على الْقُيُود الْمَذْكُورَة خلوصا لَك (فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (غَيره) فِي انْعِقَاد نِكَاحه بِهِ لما فِيهِ من إبِْطَال الخصوصية الثَّابِتَة لَهُ كَرَامَة (وَالْحَنَفِيَّة) يَقُولُونَ الِاخْتِصَاص للمفهوم من قَوْله تَعَالَى - {خَالِصَة لَك} - (يرجع إِلَى نفي الْمهْر) أَي صِحَة النِّكَاح بِدُونِ الْمهْر خَالِصَة لَك لَيست لغيرك (وَمن تَأمل) فِي قَوْله تَعَالَى قبل هَذِه الْآيَة - {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا (أحلننا لَك أَزوَاجك اللَّاتِي آتيت أُجُورهنَّ وَامْرَأَة} مُؤمنَة إِن (وهبت نَفسهَا لَك}) أَي للنَّبِي (حَتَّى فهم الطباق) بَين الْقسمَيْنِ، حَتَّى غَايَة للتأمل، والطباق فِي علم البديع عبارَة عَن الْجمع بَين مَعْنيين مُتَقَابلين (فهم) من السِّيَاق، والسياق أَن مَدْلُول الْكَلَام أَنا (أَحللنَا لَك بِمهْر وَبلا مهر) خَالِصَة هَذِه الْخصْلَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ (وتعليل الِاخْتِصَاص بِنَفْي الْحَرج) فِي قَوْله تَعَالَى - {لكيلا يكون على الْمُؤمنِينَ حرج} - بعد قَوْله خَالِصَة لَك (يُنَادي بِهِ) أَي بِرُجُوعِهِ إِلَى نفي الْمهْر (زِيَادَة) حَال من ضمير يُنَادي: أَي التَّعْلِيل الْمَذْكُور يُنَادي بِمَا ذكره حَال كَونه زَائِدا فِي إِفَادَة المُرَاد على مَا يدل عَلَيْهِ بِالتَّأَمُّلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute