إِلَيْهِ تَعَالَى (فَائِدَته) أَي قَوْله تَعْلِيل لكَونه نصا فِيمَا ذكر (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن الْقطع الْمَذْكُور مَقْصُودا بِهِ (فمعلوم أَنه الْمطعم) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ (مُطلقًا) أَي فَلَا يبْقى للْكَلَام فَائِدَة لِأَنَّهُ مَعْلُوم أَنه الْمطعم فِي كل أكل سَهوا كَانَ أَو عمدا (وقطعه) أَي الشَّارِع نِسْبَة للْفِعْل (مَعَه) أَي النسْيَان الْمَذْكُور (وَهُوَ) أَي النسْيَان (جبلي لَا يُسْتَطَاع الاحتراس عَنهُ بِلَا مُذَكّر) الْجَار مُتَعَلق بقوله لَا يُسْتَطَاع، وَهُوَ صفة قَوْله جبلي، وَالْجُمْلَة الاسمية حَال عَن ضمير النسْيَان فِي مَعَه وَقَوله بِلَا مُذَكّر يُشِير إِلَى أَنه تَعَالَى الْمُذكر فَإِن قلت الْأَمر الْجبلي لَا يَدْفَعهُ شَيْء قلت لَيْسَ كَونه جبليا بِمَعْنى أَن الطبيعة تَقْتَضِيه ضَرُورَة بل كَونه بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيع الْإِنْسَان أَن يحترس عَنهُ بِلَا مُذَكّر، وَمَعَ الْمُذكر وُقُوعه نَادِر فَهُوَ عِنْد ذَلِك ينْسب إِلَى التَّقْصِير فَلَا يستأصل لِأَن قطع نِسْبَة الْفِعْل عَنهُ إِلَيْهِ تَعَالَى، وَخبر قَوْله وقطعه قَوْله (لَا يستلزمه) أَي الْقطع عَنهُ إِلَيْهِ تَعَالَى (فِيمَا هُوَ دونه) أَي فِيمَا دون جبلي لَا يُسْتَطَاع الاحتراس عَنهُ بِلَا مُذَكّر، وَإِنَّمَا وصف النسْيَان الْمَذْكُور بذلك إشعارا بِمَا هُوَ مُوجب لقطع النِّسْبَة عَن الْمُكَلف إِلَيْهِ تَعَالَى ليَكُون كالدليل على عدم الاستلزام الْمَذْكُور. ثمَّ لما بَين أَن عِلّة الْقطع مَجْمُوع الْأَوْصَاف الجبلية وَعدم إِمْكَان الاحتراس وَعدم الْمُذكر لزم أَن ينتفى الْمَعْلُول بِانْتِفَاء كل وَاحِد مِنْهَا فَأخذ بَين ذَلِك وَبَدَأَ بِانْتِفَاء الْأَخير. فَقَالَ (مَعَ مُذَكّر) حَال عَن الْمَوْصُول أَي لم يقطع مَا دونه حَال كَونه مَعَ مُذَكّر من حَيْثُ النِّسْبَة، مِثَال الْمُذكر (كَالصَّلَاةِ) أَي كَهَيئَةِ الصَّلَاة (ففسدت) الصَّلَاة (فعله مُفسد) فَلَعَلَّهُ الْمُصَلِّي (سَاهِيا) ثمَّ بَين مَا انْتَفَى فِيهِ الثَّانِي بقوله (وَمَا يُمكن الاحتراس) عَنهُ، مِثَاله (كالخطأ، وَلذَا) أَي كَون الْخَطَأ مِمَّا يُمكن الاحتراس عَنهُ (ثَبت عدم اعْتِبَاره) فِي الشَّرْع مسْقطًا للمجازاة بِالْكُلِّيَّةِ (فِي خطأ الْقَتْل فَأوجب) الشَّارِع بِهِ (الدِّيَة) بدل الْمحل (حَقًا للْعَبد) فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن مُوجب تَعْلِيل الشَّافِعِي بَقَاء الصَّوْم بعلة قصد الْجِنَايَة بطلَان حق العَبْد فِي قتل الْخَطَأ لعدم قصد الْجِنَايَة، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (مَعَ تحقق مَا عينه) الشَّافِعِي فِي مقَام التَّعْلِيل فِيمَا نَحن (فِيهِ) أَي فِي الْقَتْل الْخَطَأ طرف الْحجَّة لتحَقّق مَا عينه فَلَزِمَ الدِّيَة إِجْمَاعًا فِي الْقَتْل الْخَطَأ يرد عَلَيْهِ فِي تعْيين مَا عينه (و) أوجب (الْكَفَّارَة) تأهبا (لتَقْصِيره) أَي الْقَاتِل خطأ فِي التحفظ فِيمَا يُسْتَطَاع الاحتراس عَنهُ فَلم يسْقط فِيهِ إِلَّا الْإِثْم بِمُوجب " رفع عَن أمتِي " الحَدِيث ثمَّ أَشَارَ إِلَى مَا يَنْفِي الأول بقوله (وَالْمكْره أمكنه الالتجاء) إِلَى من يخلصه من الْمُكْره (والهرب) مِنْهُ (وَلَو عجز) عَن الالتجاء والهرب (وانقطعت النِّسْبَة) أَي نِسْبَة الْفِعْل عَنهُ بِسَبَب الْعَجز (صَارَت) النِّسْبَة (إِلَى غَيره تَعَالَى أَعنِي الْمُكْره كَفعل الصب) أَي كانقطاع نِسْبَة فعل الصب عَن المصبوب فِي عِلّة (نسب) فعل الصب (إِلَى العَبْد لَا إِلَيْهِ تَعَالَى حَتَّى أثمه) أَي أَثم الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute