تَعَالَى الصاب أَو أَثم الصاب إِلَيْهِ (فانتفت الْعلَّة) الْمُعَلل بهَا دَلِيل التَّخْصِيص وَهُوَ قطع نِسْبَة الْفِعْل عَن الْمُكَلف مَعَ النسْيَان وَعدم الْمُذكر إِلَيْهِ تَعَالَى فِي الصُّور الْمَذْكُورَة فَلَا يحوز إلحاقها بالناسي فِي بَقَاء الصَّوْم (وَمِنْه) أَي وَمن الحكم الْمُخْتَص بمحله الْمَنْصُوص عَلَيْهِ بِمَا يمْنَع من التَّعْلِيل (تقوم الْمَنَافِع فِي الْإِجَارَة) ثَبت بِالنَّصِّ واختص بمحله لما سَيَأْتِي (يمنعهُ) أَي تقومها فِي الْإِجَارَة (الْقيَاس على الْحَشِيش وَالصَّيْد) وَصُورَة الْقيَاس (هَكَذَا لم تحرز) للمنافع كَمَا أَنه لم يحرز الْحَشِيش وَالصَّيْد (فَلَا مَالِيَّة) لَهَا لِأَن الْمَالِيَّة بالإحراز وَالدُّخُول تَحت الْيَد (فَلَا تقوم) إِذْ لَا قيمَة إِلَّا لِلْمَالِ (كالصيد قبل) الِاصْطِيَاد، والحشيش قبل الاحتشاش فِي عدم (الْإِحْرَاز) والمالية والتقوم (أما الأول) أَي أَنَّهَا لم تحرز (فَلِأَنَّهَا) أَي الْمَنَافِع (أَعْرَاض متصرمة) أَي متلاشية مضمحلة بِمُجَرَّد الْوُجُود (فَلَو قُلْنَا بِبَقَاء شخص الْعرض) فِي الْجُمْلَة كَمَا ذهب إِلَيْهِ غير الْأَشْعَرِيّ فِيمَا نَحن فِيهِ (لم يكن مِنْهُ) أَي مِمَّا نقُول بِبَقَائِهِ، بل مِمَّا لَا بَقَاء لَهُ بِإِجْمَاع الْعُقَلَاء (ثمَّ الْمَالِيَّة بالإحراز والتقوم بالمالية فَلَا يلْحق بِهِ) أَي بتقويم الْمَنَافِع فِي الْإِجَارَة (غصبهَا) أَي غصب الْمَنَافِع بإتلافها وتعطيلها (إِذْ لَا جَامع مُعْتَبر) بَينهمَا فِي ذَلِك شرعا (لتَفَاوت الْحَاجة) الَّتِي كَانَت الْمَنَافِع بِسَبَبِهَا مُتَقَومَة (وَعدم ضبط مرتبَة) مُعينَة مِنْهَا يناط التَّقْوِيم بهَا (كمشقة السّفر) فَإِنَّهُ لما لم تكن الْمَشَقَّة فِيهِ منضبطة للتفاوت بَين مراتبها نيط حكم الْقصر بِمَشَقَّة السّفر، وَكَانَ مشقة السّفر أَيْضا غير منضبطة نيط بِأَصْل السّفر (فنيط) تقوم الْمَنَافِع (بِعقد الْإِجَارَة) لِأَنَّهُ مظنتها كالسفر. وَلما كَانَ هَهُنَا مَظَنَّة سُؤال، وَهُوَ أَن عدم تقوم مَنَافِع الْغَصْب فتح لباب الْعدوان أَشَارَ إِلَى دَفعه بقوله (وَالْحَاجة لدفع الْعدوان تدفع بالتعزيز) على ارْتِكَاب الْمحرم، وَهُوَ الْغَصْب (وإحرازها) أَي الْمَنَافِع (بِالْمحل) وَهُوَ الْمَغْصُوب إِحْرَاز (ضمني) ثَبت بتبعية إِحْرَاز الْمحل والضمني (غير مضمن كالحشيش النَّابِت فِي أرضه) فَإِنَّهُ مُحرز تبعا لإحراز الأَرْض، وَلَا ضَمَان على متلفه اتِّفَاقًا (وَلَو سلم) أَن الْإِحْرَاز المضمني كالقصدي فِي التَّضْمِين (ففحش تفَاوت الْمَالِيَّة) بَين الْمَنَافِع الَّتِي هِيَ الْأَعْرَاض وَبَين الْأَعْيَان الَّتِي تلْزم الْغَاصِب عِنْد إِتْلَاف الْمَنَافِع على تَقْدِير التقوم والتضمين (يمْنَع) أَي فحش التَّفَاوُت (ضَمَان الْعدوان الْمَبْنِيّ) صفة الضَّمَان (على) اشْتِرَاط (الْمُمَاثلَة) بَين قطعه بِالتَّعَدِّي، وَمَا وَجب عَلَيْهِ فِي مُقَابلَته مجازاة بقوله - {فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم} - {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} - ومدار الْمُمَاثلَة على الْمُسَاوَاة فِي الْمَالِيَّة، وَقد عرفت انتفاءها بَين الْمَنَافِع والأعيان (بِخِلَاف الْفَاكِهَة مَعَ النَّقْد) جَوَاب سُؤال وَهُوَ أَنكُمْ ضمنتم متْلف الْفَاكِهَة بِالنَّقْدِ مَعَ عدم الْمُمَاثلَة لكَون الْفَاكِهَة مِمَّا يتسارع إِلَيْهِ الْفساد بِخِلَاف النَّقْد، وَالْمعْنَى أَن اشْتِرَاط الْمُمَاثلَة يمْنَع ضَمَان الْعدوان بِخِلَافِهَا فَإِنَّهُ لَا يمْنَع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute