للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّاهِد: أَي الْمَخْلُوق معللة بِالْعلمِ، فَكَذَا فِي الْغَائِب عَن الْحس: أَي الْخَالِق (خلافًا لأكْثر الْمُتَكَلِّمين) فَإِنَّهُم جوزوه فِيهَا إِذا تحقق جَامع عَقْلِي كالعلة، أَو الْحَد، أَو الشَّرْط، أَو الدَّلِيل، وَإِنَّمَا لَا يكون الْقيَاس فِي العقليات (لعدم إِمْكَان إِثْبَات المناط) أَي منَاط الحكم فِي الأَصْل (فَلَو أثبت حرارة حُلْو قِيَاسا) مفعول لَهُ للإثبات (على الْعَسَل لَا تثبت عَلَيْهِ الْحَلَاوَة) للحرارة (إِلَّا أَن استقرئ) أَي بِأَن استقرئ: أَي تتبع كل حُلْو فَوجدَ حارا، وَيحْتَمل أَن تكسر الْهمزَة بِمَعْنى إِذا (فَتثبت) حِينَئِذٍ عَلَيْهِ الْحَلَاوَة للحرارة (فِيهِ) أَي فِي ذَلِك الحلو (بِهِ) أَي بالاستقراء كَذَا قَالَ الشَّارِح، وَالصَّوَاب فَتثبت حِينَئِذٍ الْحَرَارَة فِي ذَلِك الحلو بالاستقراء لِأَن الثَّابِت بِالْقِيَاسِ حكم الْفَرْع، لَا علية الْعلَّة وَهُوَ ظَاهر (لَا بِالْقِيَاسِ فَلَا أصل وَلَا فرع) لِأَنَّهُمَا فرع الْقيَاس، وَهُوَ مَعْدُوم حِينَئِذٍ فَإِن قلت لَا نسلم أَن الْعلية فِيهَا لَا تثبت إِلَّا بالاستقراء قلت: لَو ثَبت عليتها بِدَلِيل آخر صَحَّ أَيْضا قَوْلنَا فَتثبت بِهِ لَا بِالْقِيَاسِ من غير تفَاوت، لِأَن مَدْلُول ذَلِك الدَّلِيل علية الْحَلَاوَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَرَارَة مَعَ قطع النّظر عَن محلهَا الْمَخْصُوص كالعسل، بِخِلَاف الْعِلَل الشَّرْعِيَّة فَإِن النَّص أَو الاستنباط يُفِيد عليتها بِالنِّسْبَةِ إِلَى الحكم الْمُضَاف إِلَى الْمحل الْخَاص وَهُوَ الأَصْل ابْتِدَاء، ثمَّ يجرد الحكم عَن خُصُوصِيَّة الْمحل فَيجْعَل الْمَعْلُوم نفس الحكم وَيقطع النّظر عَن خُصُوصِيَّة الْمحل (وَعنهُ) أَي عَن لُزُوم حكم الْفَرْع بِالْقِيَاسِ (اشْترط عدم شُمُول دَلِيل حكم الأَصْل الْفَرْع) خلافًا لمشايخ سَمَرْقَنْد، إِذْ لَو شَمله ابْتِدَاء كَانَ نِسْبَة ذَلِك الدَّلِيل إِلَى حكم الْفَرْع كنسبته إِلَى حكم الأَصْل فَلَا يبْقى لأصالته وَجه (وَبِهَذَا) أَي مَا اشْترط من عدم الشُّمُول (بَطل قياسهم) أَي الْمُتَكَلِّمين (الْغَائِب على الشَّاهِد فِي أَنه) أَي الشَّاهِد (عَالم بِعلم) هُوَ صفة زَائِدَة على الذَّات ردا على الْمُعْتَزلَة حَيْثُ زَعَمُوا أَن علمه تَعَالَى عين ذَاته كَسَائِر صِفَاته (مَعَ فحش الْعبارَة) حَيْثُ أطْلقُوا عَلَيْهِ الْغَائِب وَإِن أَرَادوا الْغَيْبَة عَن الْحس، فَإِن الْفَاحِش من الْكَلَام مَا يستهجن ذكره، {وَالله لَا يعزب عَنهُ شَيْء - وَهُوَ مَعكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُم} - وَإِنَّمَا بَطل قياسهم (لِأَن ثُبُوته) أَي الْعلم (فيهمَا) أَي الْخَالِق والمخلوق (بِاللَّفْظِ لُغَة) أَي بِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهر اللَّفْظ من حَيْثُ اللُّغَة (وَهُوَ) أَي مَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظ لُغَة (أَن الْعَالم من قَامَ بِهِ) الْعلم فِي لُغَة الْعَرَب، وَإِثْبَات صِفَات الْحق بِمَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظ من حَيْثُ الْوَضع مَعَ أَن الْمجَاز فِي الْكتاب وَالسّنة أَكثر من أَن يُحْصى رجم بِالْغَيْبِ (وثمرته) أَي كَون حكم الأَصْل شَرْعِيًّا تظهر (فِي قِيَاس النَّفْي) وَهُوَ قِيَاس يكون حكم الأَصْل فِيهِ نفيا سَوَاء كَانَ حكم الْفَرْع فِيهِ أَيْضا نفيا أَو وجود مَا (لَو كَانَ) النَّفْي (أَصْلِيًّا) بِأَن لَا يكون حَادِثا (فِي الأَصْل امْتنع) الْقيَاس عَلَيْهِ (لعدم مناطه) أَي النَّفْي الْأَصْلِيّ، لِأَن المناط وصف اعْتَبرهُ الشَّارِع وَجعله إجَازَة لحكم شَرْعِي، والعدم الْأَصْلِيّ لَيْسَ بِحكم شَرْعِي لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>