بَينهمَا بِاعْتِبَار الْأَصَالَة والوصفية بالتأويل الْمَذْكُور (أَو بِأَدْنَى تَمْيِيز) بَينهمَا، وَفِيه مَا فِيهِ (فَإِن قلت كَيفَ يَصح قَوْله) أَي الْخصم (إِن لم تصح) الْعلَّة الَّتِي عينهَا (منعت حكم الأَصْل وَظُهُور عدم الصِّحَّة) لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَة (فرع الشُّرُوع فِي الْإِثْبَات) أَشَارَ إِلَى أَن كل وَاحِد من وَجْهي التَّسْمِيَة مَوْجُود فِي كل من الْقسمَيْنِ، إِذْ اجْتِمَاع القياسين فِي الأَصْل على تَقْدِير منع وجودهَا فِيهِ أَيْضا حَاصِل: كَمَا أَن مورد الْمَنْع فِي الأول أَيْضا وصف: أَعنِي عَلَيْهِ الْعلَّة غير أَن مُلَاحظَة عليتها يكون قبل مُلَاحظَة وجودهَا، فَبِهَذَا الِاعْتِبَار يحسن اعْتِبَار الْأَصَالَة فِي الأول، وَالْوَصْف فِي الثَّانِي، وَهُوَ التَّمْيِيز الْأَدْنَى، وَفِيه مَا فِيهِ (بِدُونِ الْمُطَالبَة بِهِ) أَي الْإِثْبَات (فيعجز) الْمُعْتَرض عَنهُ (وَفِيه) أَي فِي تَصْحِيح هَذَا (قلب الْوَضع) لِأَنَّهُ يَنْقَلِب الْمُسْتَدلّ مُعْتَرضًا، والمعترض مستدلا. أما الأول فَلِأَن الْمُعْتَرض لم يقل إِن لم تصح علتي الخ إِلَّا بعد طعن الْمُسْتَدلّ فِيهَا والاعتراض عَلَيْهَا بِإِظْهَار عدم صِحَّتهَا. وَأما الثَّانِي فَلِأَن قَوْله إِن لم تصح منعت استدلالي. حَاصله أَن أحد الْأَمريْنِ لَازم: إِمَّا صِحَة علته المستلزمة ثُبُوت مدعاه، وَأما منع حكم الأَصْل الْمُوجب لهدم مدعي الْمُسْتَدلّ فَإِن قلت سلمنَا أَن ظُهُور عدم الصِّحَّة فرع الشُّرُوع إِلَى آخِره، لَكِن قَوْله إِن لم تصح إِلَى آخِره لَا يَسْتَدْعِي ظُهُوره، بل يَكْفِيهِ فَرْضه إِجْمَالا قلت إِذا كَانَ الْمَنْع مَشْرُوطًا بِعَدَمِ الصِّحَّة بِحَسب نفس الْأَمر وَإِن لم يعلم بِعَيْنِه، وَذَلِكَ غير مَعْلُوم يلْزم عدم الْعلم بِوُجُود الْمَنْع، وَقد يُقَال أَن مُرَاده أَن أحد الْأَمريْنِ لَازم بِحَسب نفس الْأَمر وَإِن لم يعلم بِعَيْنِه (قلت) يَصح قَوْله الْمَذْكُور (لِأَن الصُّورَة الْمَذْكُورَة للْقِيَاس الْمركب) فِي الْقسمَيْنِ (من صور الْمُعَارضَة فِي حكم الأَصْل) لِأَن كل وَاحِد من المتخاصمين يدعى كَون حكم الأَصْل مُعَللا بعلة خلاف عِلّة الآخر، وَيُقِيم الدَّلِيل على مَا ادَّعَاهُ بِخِلَاف الصُّورَة الْأُخْرَى من الْقيَاس الْمركب، وَهُوَ الْقسم الثَّانِي فَإِنَّهَا لَيست من صور الْمُعَارضَة فِي حكم الأَصْل لِأَنَّهُ لم يدع كل مِنْهُمَا فِيهَا كَون حكم الأَصْل مُعَللا بعلة أُخْرَى، بل الْمُسْتَدلّ يلْحق فرعا بِأَصْل فِي حكم زعم وجوده فِي الأَصْل لعِلَّة زعم اشتراكهما فِيهَا وَحَاصِل اعْتِرَاض الْمُعْتَرض أحد الْأَمريْنِ: إِمَّا منع وجود تِلْكَ الْعلَّة، وَإِمَّا منع وجود ذَلِك الحكم فِي الأَصْل (وَفِيه) أَي وَفِيمَا ذكر يَعْنِي صور الْمُعَارضَة يكون (ذَلِك) الانقلاب (فَإِن جوابها) أَي الْمُعَارضَة (منع الْمُسْتَدلّ لما عينه) الْمعَارض من الْعلَّة الَّتِي بهَا يثبت الحكم الَّذِي يَدعِيهِ (فَلَزِمَهُ) أَي الْمعَارض (الْإِثْبَات) لعلية مَا عينه (وَإِذا صَار) الْمعَارض (مَانع) أَي منع مَا عينه الْمُسْتَدلّ من الْعلَّة (لزم الْمُسْتَدلّ إِثْبَاتهَا) أَي إِثْبَات عِلّة مَا عينه (ووجودها) أَي وجود تِلْكَ الْعلَّة وكما أَنه يلْزم الْمُسْتَدلّ إِثْبَات الْعلية والوجود كَذَلِك يلْزم الْمعَارض غير أَنه اكْتفى بالتفصيل هَهُنَا وَالْحَاصِل أَن كلا من المتخاصمين فِي الْمُعَارضَة مستدل بِالنّظرِ إِلَى مَا يَدعِيهِ، ومانع بِالنّظرِ إِلَى مَا يَدعِيهِ خَصمه (وينتهض)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute