للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دَلِيل الْمُسْتَدلّ على الْمعَارض بِإِثْبَات الْوُجُود كَمَا أَنه ينتهض دَلِيل الْمعَارض على الْمُسْتَدلّ بِهِ (إِذْ لَيْسَ ثُبُوته) أَي ثُبُوت حكم الأَصْل (إِلَّا بهَا) أَي بِالْعِلَّةِ (للفرعية) أَي للُزُوم فرعية الأَصْل فِيمَا نَحن فِيهِ (بِخِلَاف مَا إِذا أثبت) الْمُسْتَدلّ (الْوُجُود) أَي وجود الْعلَّة (فِي مركب الْوَصْف) إِذْ لَا ينْتَقض دَلِيله حِينَئِذٍ بِإِثْبَات الْوُجُود (فَإِنَّهُ) أَي الْمُعْتَرض (مَعَه) أَي مَعَ إِثْبَات الْمُسْتَدلّ الْوُجُود فِيهِ (يمْنَع حكم الأَصْل، وَهُوَ) أَي مَنعه حكم الأَصْل (دَلِيل أَنه) أَي الْمُعْتَرض (مَانع صِحَة مَا عينه الْمُسْتَدلّ فيهمَا) أَي مركبي الأَصْل وَالْوَصْف (وَإِذن) أَي وَإِذا كَانَ وجود الْعلَّة فِي الأَصْل تَارَة يجْتَمع مَعَ منع الحكم فِيهِ (فَقَوْلهم) أَي الْأُصُولِيِّينَ (للمستدل) فِي مركب الْوَصْف (أَن يثبت وجودهَا) أَي الْعلَّة فِي الأَصْل (بدليله) أَي بِدَلِيل الثُّبُوت (من حس أَو عقل أَو شرع أَو لُغَة) بِأَن يكون وجودهَا فِيهِ محسوسا أَو ثَابتا بِدَلِيل عَقْلِي أَو شَرْعِي أَو بِمُقْتَضى اللُّغَة (فينتهض) جَوَاب الشَّرْط: أَي يقوم الدَّلِيل (عَلَيْهِ) أَي على الْمُعْتَرض (لِأَنَّهُ) أَي الْمُعْتَرض (معترف بِصِحَّة الْمُوجب) بِكَسْر الْجِيم، وَهُوَ عَلَيْهِ عِلّة الحكم (ووجوده) أَي الْمُوجب فِي الأَصْل (إِذْ قد ثَبت بِالدَّلِيلِ) فَلَزِمَهُ القَوْل بِمُقْتَضَاهُ (فِيهِ نظر) هَذِه الْجُمْلَة خبر للمبتدأ أَعنِي قَوْلهم، وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى مَنْظُور فِيهِ على أَن يكون الظّرْف لَغوا قدم لكَون الْمصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول، أَو توسعة فِي الظروف (بل) ينتهض (إِذا أثبتهما) أَي صِحَة مَا عينه الْمُسْتَدلّ ووجوده فِي الأَصْل (كَالْأولِ) أَي مركب الأَصْل حَاصِل الْكَلَام أَن قَوْلهم الْمَذْكُور يُفِيد أَنه يَكْفِي الْمُسْتَدلّ فِي مركب الْوَصْف إِثْبَات الْوُجُود، وَإِذ قد عرفت أَن منع حكم الأَصْل منع لصِحَّة مَا عينه الْمُسْتَدلّ علمت أَنه لَا بُد فِيهِ أَيْضا من إِثْبَات الْأَمريْنِ غير أَنه يتَّجه على عِبَارَته مَا قصرت الطَّاقَة عَن تَوْجِيهه بِحَيْثُ ترْتَفع الْعبارَة وَالله تَعَالَى أعلم. (فَالْأول) أَي مِثَال الأول: يَعْنِي مركب الأَصْل (قَول الشَّافِعِي) فِي أَن الْحر لَا يقتل بِعَبْد قَتله الْمَقْتُول (عبد فَلَا يقتل بِهِ الْحر كَالْمكَاتبِ الْمَقْتُول) ذَاهِبًا (عَمَّا بَقِي) من المَال (بكتابته) أَي ببدلها (و) عَن (وَارِث غير سَيّده) لَا يقتل قَاتله الْحر بِهِ، وَإِن اجْتمع السَّيِّد وَالْوَارِث على طلب الْقصاص فَيلْحق العَبْد بِهِ بِجَامِع الرّقّ (والحنفي يُوَافقهُ) أَي الشَّافِعِي (فِيهِ) أَي فِي فِي حكم الأَصْل، وَهُوَ عدم قتل الْحر بالمكاتب الْمَذْكُور وَيُخَالِفهُ فِي الْعلَّة (فَيَقُول الْعلَّة جَهَالَة الْمُسْتَحق) للْقصَاص (من السَّيِّد وَالْوَرَثَة لاخْتِلَاف الصَّحَابَة فِي عبديته) نظرا إِلَى عدم أَدَائِهِ بدل الْكِتَابَة (وحريته) نظرا إِلَى مَا ينزل منزلَة الْأَدَاء. أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ كَانَ زيد بن ثَابت يَقُول الْمكَاتب عبد مَا بقى عَلَيْهِ دِرْهَم لَا يَرث وَلَا يُورث، وَكَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يَقُول إِذا مَاتَ الْمكَاتب وَترك مَالا قسم مَا ترك على مَا أدّى وعَلى مَا بقى، فَمَا أصَاب مَا أدّى فللورثة وَمَا أصَاب مَا بَقِي فللمسلمين، وَكَانَ عبد الله يَقُول

<<  <  ج: ص:  >  >>