الشَّافِعِيَّة) وَالْحَنَفِيَّة السمرقنديين (وبالنص عِنْد الْحَنَفِيَّة) الْعِرَاقِيّين والدبوسي والبزدوي والسرخسي وَغَيرهم (لَفْظِي) عِنْد تَحْقِيق مُرَادهم يرجع إِلَى أَمر يُوهِمهُ ظَاهر لَفظهمْ، وَلَا نزاع بَينهم بِحَسب الْمَعْنى والحقيقة (فمراد الشَّافِعِيَّة) من علية الْوَصْف (أَنَّهَا) أَي الْعلَّة (الباعثة عَلَيْهِ) أَي على شرع الحكم فِي الأَصْل، وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون عِلّة غائية فَيلْزم استكمال الشَّارِع بهَا بل هِيَ الْحِكْمَة الْمُقْتَضِيَة للتشريع (و) مُرَاد (الْحَنَفِيَّة) من ثُبُوت الحكم بِالنَّصِّ (أَنه) أَي النَّص إِنَّمَا هُوَ (الْمُعَرّف) لِلْعِلَّةِ الباعثة لِأَنَّهَا تستنبط مِنْهُ (وَلَا يتَأَكَّد فِي ذَلِك) أَي مرادي الْفَرِيقَيْنِ (وَكَيف) يَصح إِرَادَة أَنَّهَا تثبت الحكم (وَقد تكون) الْعلَّة (ظنية) بِاعْتِبَار عليتها لَهُ لعدم مَا يُفِيد الْقطع بهَا، أَو بِاعْتِبَار وجودهَا فِيهِ (وَحكم الأَصْل قَطْعِيّ) لثُبُوته بِنَصّ أَو إِجْمَاع قَطْعِيّ، والظني لَا يُوجب الْقطع، وَعَن السُّبْكِيّ إِنْكَار تَفْسِير الْعلَّة بالباعث، وتفسيرها بالمعرف بِمَعْنى كَونهَا أَمارَة مَنْصُوبَة يسْتَدلّ بهَا الْمُجْتَهد على وجود الحكم إِذا لم يكن عَارِفًا بِهِ، وَيجوز أَن يتَخَلَّف فِي حق الْعَارِف كالغيم الرطب أَمارَة للمطر وَقد يتَخَلَّف، الاسكار مثلا عِلّة للتَّحْرِيم فَهُوَ حَيْثُ وجده قضى بِالتَّحْرِيمِ مَعَ أَنه يعرف تَحْرِيمهَا بِالنَّصِّ، كَذَا ذكره الشَّارِح فِي إطناب غير منقح، وَكَانَ مُرَاد السُّبْكِيّ أَن تَحْرِيم الْخمر على وَجه الْإِطْلَاق يعرفهُ بِالنَّصِّ، ووجوده فِي الخصوصات يعرفهُ بالإسكار، فَعلمه بِأَن تَحْرِيم الْخمر بِسَبَب الْإِسْكَار وَقد يعرفهُ فِي بعض الخصوصات بِدُونِ الْإِسْكَار لاطلاعه على النَّص الدَّال على تَحْرِيم الْخمر وَعلمه بِأَنَّهَا خمر، فالتخلف هَاهُنَا من جَانب الأمارة على عكس الْغَيْم الرطب، فَإِن التَّخَلُّف فِيهِ من جَانب ذِي الأمارة وَبِالْجُمْلَةِ لم يعْتَبر فِي الْمُعَرّف الطَّرْد وَالْعَكْس كَمَا قَالَ بعض المنطقيين من أَنه يجوز التَّعْرِيف بالأعم والأخص.
وَأَنت خَبِير بِأَن مَا ذكره المُصَنّف أقرب إِلَى التَّحْقِيق (وَمن شُرُوط الْفَرْع) أَي من شُرُوط الْقيَاس الْمُعْتَبر وجودهَا فِي جَانب الْفَرْع الْمُعَرّف (لبَعض الْمُحَقِّقين) كَابْن الْحَاجِب (أَن يُسَاوِي) الْفَرْع (الأَصْل فِيمَا علل بِهِ حكمه) أَي الأَصْل (من عين) بَيَان للموصول: أَي يُسَاوِي الْفَرْع الأَصْل فِي عين الْعلَّة بِأَن تُوجد بِعَينهَا فِي الْفَرْع كَمَا وجدت فِي الأَصْل (كالنبيذ) أَي كمساواة النَّبِيذ (للخمر فِي الشدَّة المطربة) اللَّازِمَة للإسكار، وَلذَا يُفَسر بهَا (وَهِي) أَي الشدَّة المطربة (بِعَينهَا مَوْجُودَة فِي النَّبِيذ، أَو جنس) لِلْعِلَّةِ مَعْطُوف على عين وَعند ذَلِك مَا يقْصد مُسَاوَاة الْفَرْع للْأَصْل فِيهِ إِنَّمَا هُوَ الْجِنْس كَمَا أَنه الْعين فِي الأول (كالأطراف) وَهِي الْفَرْع (على الْقَتْل) وَهُوَ الأَصْل (فِي الْقصاص بِالْجِنَايَةِ) وَالْمرَاد إِتْلَاف الْأَطْرَاف قِيَاسا (على إِتْلَاف النَّفس) بِجَامِع الْجِنَايَة الْمُشْتَركَة بَينهمَا فَإِنَّهَا جنس للجناية المحققة فِي إِتْلَاف النَّفس والأطراف، وهما مُخْتَلِفَانِ بِالْحَقِيقَةِ (وَفِيمَا يقْصد) مَعْطُوف على الْمَوْصُول: أَي وَمن شُرُوط الْفَرْع أَن يُسَاوِي الأَصْل فِيمَا يقْصد الْمُسَاوَاة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute