لِأَنَّهُ لَا يجوز التَّكْفِير إِلَّا بِمَا هُوَ عقد حَقِيقِيّ وَالْمكَاتب لَيْسَ كَعبد يدا وَإِن كَانَ عبدا رَقَبَة (فَكَانَ بَاطِلا كالكتابة على الْخمر) إِذا كَانَ الْمكَاتب وَالْمكَاتب مُسلمين أَو أَحدهمَا مُسلما (فَحكم الأَصْل) وَهُوَ بطلَان الْكِتَابَة على الْخمر (مُتَّفق) عَلَيْهِ (لَكِن علته عِنْد الْحَنَفِيَّة كَون المَال) الَّذِي جعل بدل لكتابة وَهُوَ الْخمر (غير مُتَقَوّم، لَا مَا ذكر من صِحَة التَّكْفِير بِهِ) أَي الْمكَاتب (وَله) أَي للمستدل (إثْبَاته) أَي إِثْبَات الْوَصْف الْمُخْتَلف فِيهِ من حَيْثُ أَنه عِلّة (على مَا تقدم) من جَوَاز إِثْبَات مُقَدمَات الدَّلِيل، أَن كل مُقَدّمَة تقبل الْمَنْع مِنْهَا فإثباتها مَقْبُول. (ولبعضهم) وَهُوَ صدر الشَّرِيعَة أَنه (لَا يجوز التَّعْلِيل بعلة اخْتلف فِي وجودهَا فِي الْفَرْع أَو) فِي (الأَصْل كَقَوْل شَافِعِيّ فِي الْأَخ) هُوَ (شخص يَصح التَّكْفِير بإعتاقه فَلَا يعْتق إِذا ملكه كَابْن الْعم فَإِن أَرَادَ) الشَّافِعِي بإعتاقه (عتقه) أَي الْأَخ (إِذا ملكه) بشرَاء قصد بِهِ الْكَفَّارَة. فِي الْهِدَايَة أَن اشْترى أَبَاهُ أَو ابْنه يَنْوِي بِالشِّرَاءِ الْكَفَّارَة جَازَ عَنْهَا، فِي شرح المُصَنّف عَلَيْهَا الْحَاصِل أَنه إِذا دخل فِي ملكه بضع مِنْهُ أَن نوى عِنْد صنعه أَن يكون عتقه عَن الْكَفَّارَة أَجزَأَهُ انْتهى، فقد علم أَنه يتَحَقَّق الْملك ويعقبه الْعتْق، وَالنِّيَّة السَّابِقَة تُؤثر فِي وُقُوع الْعتْق عَن الْكَفَّارَة فقد تحقق هَاهُنَا عتق بِمُوجب الْقَرَابَة من غير إِعْتَاق بعد الْملك، فَإِن كَانَ مُرَاده هَذَا الْعتْق (فَغير مَوْجُود فِي ابْن الْعم) فَلم يتَحَقَّق بِالْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ صِحَة التَّكْفِير بِالْإِعْتَاقِ فِي الأَصْل فَإِنَّهُ إِذا اشْتَرَاهُ بنية الْكَفَّارَة لَا يجوز عَنْهَا اتِّفَاقًا (أَو) أَرَادَ (إِعْتَاقه بعده) بِأَن يصير ملكه ثمَّ يعتقهُ قصدا (فَمَمْنُوع فِي الْأَخ) أَي لَا نسلم وجود هَذَا الْوَصْف فِيهِ، إِذْ هُوَ يعْتق بِمُجَرَّد الْملك (وَذكر) الْبَعْض الْمَذْكُور (الصُّورَتَيْنِ) المذكورتين: أَن تزوجت فُلَانَة، وَعبد فَلَا يقتل بِهِ الْحر إِلَى آخرهما (ثمَّ على مَا ذكرنَا) من أَن الْأَصَح قبُول إِثْبَات حكم الأَصْل مِمَّن هُوَ بصدد إِثْبَات حكم الْفَرْع (لَهُ) أَي للمستدل هُنَا (إِثْبَاتهَا) أَي الْعلَّة الَّتِي اخْتلف فِي وجودهَا فِي الْفَرْع أَو الأَصْل، لِأَن إِثْبَاتهَا من مُقَدمَات دَلِيله على حكم الْفَرْع (وَلَيْسَ من الشُّرُوط) لحكم الأَصْل (كَونه) أَي كَون حكم الأَصْل (قَطْعِيا بل يَكْفِي ظَنّه فِيمَا) أَي فِي قِيَاس (يقْصد بِهِ) أَي بذلك الْقيَاس (الْعَمَل) فَإِن مَا يقْصد بِهِ الِاعْتِقَاد لَا يَكْفِي فِيهِ الظَّن، وَفِيه نظر لأَنهم ذكرُوا فِي العقائد مَا لَا مطمع فِيهِ للْقطع فَتدبر (وَكَون الظَّن يضعف بِكَثْرَة الْمُقدمَات) الظنية، فَإِن كل مُقَدّمَة مُشْتَمِلَة على احْتِمَال خلاف الْمُدَّعِي (لَا يسْتَلْزم الاضمحلال) أَي بطلَان الظَّن رَأْسا فَلَا يبْقى للْقِيَاس فَائِدَة غَايَة الْأَمر لُزُوم ضعفه (بل هُوَ) أَي اجْتِمَاع الظنون (انضمام مُوجب) أَي أَمر يُفِيد الظَّن بِثُبُوت الحكم (إِلَى مُوجب فِي الشَّرْع) إِشَارَة إِلَى أَن الْمُوجب الْعقلِيّ لَا يُفَارق الْمُوجب، وانضمام الْمُوجب إِلَى الْمُوجب يُوجب قُوَّة فِي الْمُوجب. (وَالْخلاف فِي كَونه) أَي حكم الأَصْل (ثَابتا بِالْعِلَّةِ عِنْد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute