(فالحرمة فِي الْفَرْع مُؤَبّدَة) لعدم انتهائها بِالْكَفَّارَةِ لما ذكر فَإِن قيل فَلَا يُقَاس ظِهَار العَبْد على ظِهَار الْحر أَيْضا، لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْإِعْتَاق وَالْإِطْعَام كَمَا فِي الْحر فقد تغير فِي الْفَرْع حكم النَّص الدَّال على حكم الأَصْل لما فِيهِ من تَرْتِيب خِصَال الْكَفَّارَة فَالْجَوَاب مَا أَفَادَهُ المُصَنّف بقوله (بِخِلَاف العَبْد) فَإِنَّهُ (أهل) لِلْكَفَّارَةِ إِلَّا أَنه (عَاجز) عَن التَّكْفِير بِالْمَالِ لانْتِفَاء الْملك (كالفقير) أَي الْحر الْعَاجِز عَن ذَلِك، فَكَمَا صَحَّ ظِهَار الْفَقِير صَحَّ ظِهَار العَبْد الْمُسلم حَتَّى لَو عتق وَأصَاب مَالا كَانَت كَفَّارَته بِالْمَالِ فَإِن قلت فَكَذَلِك الذِّمِّيّ أَن أسلم صَار أَهلا وَالْحَاصِل أَنكُمْ إِن اعتبرتم الْأَهْلِيَّة بِالْفِعْلِ فَقَط فَهِيَ مفقودة فيهمَا مَعًا، وَإِن عممتم فَلَا فرق بَينهمَا أَيْضا قلت بل بَينهمَا فرق، لِأَن الذِّمِّيّ لَا أَهْلِيَّة لَهُ لِلْكَفَّارَةِ مُطلقًا، بِخِلَاف العَبْد فَإِن لَهُ أَهْلِيَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى بعض أَنْوَاعهَا، على أَن الْإِجْمَاع مُنْعَقد على عدم الْفرق بَين الْمُسلم الْغَنِيّ وَالْفَقِير فِي صِحَة الظِّهَار بِخِلَاف الذِّمِّيّ (أَو على غَيره) عطف على حكم الأَصْل: أَي وَأَن لَا يتَغَيَّر فِي الْفَرْع حكم نَص أَو إِجْمَاع على غير حكم الأَصْل لِئَلَّا يلْزم إبِْطَال النَّص أَو الْإِجْمَاع بِالْقِيَاسِ (فَبَطل قِيَاس تمْلِيك الطَّعَام على) تمْلِيك (الْكسْوَة) فِي وُجُوبه عينا (فِي الْكَفَّارَة) لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ أَن يتَغَيَّر فِي الْفَرْع الَّذِي هُوَ تمْلِيك الطَّعَام حكم النَّص الَّذِي يدل على حكم هُوَ وجوب الطَّعَام مَعَ عدم التَّعْيِين، وَلَا شكّ أَنه غير حكم الأَصْل (فَإِنَّهُ فِي الْفَرْع) أَي فَإِن حكم النَّص فِي الْإِطْعَام (أَعم من الْإِبَاحَة وَالتَّمْلِيك) لِأَن الْإِطْعَام الْمَنْصُوص أَعم مِنْهُمَا بِحَسب اللُّغَة إِذْ هُوَ جعل الْغَيْر طاعما، لِأَنَّهُ فعل مُتَعَدٍّ بِنَفسِهِ، لَازمه ومطاوعه طعم، وَذَلِكَ يحصل بالتمكين من الطَّعَام على أَي وَجه كَانَ، فالتغيير بِغَيْر (وَالسّلم الْحَال) أَي وَبَطل قِيَاس السّلم الْغَيْر الْمُؤَجل فِي الْحَال (بالمؤجل) أَي عَلَيْهِ (لِأَن حكم الأَصْل، وَهُوَ السّلم الْمُؤَجل اشْتَمَل على جعل الْأَجَل خلفا عَن ملك الْمُسلم فِيهِ) للْمُسلمِ إِلَيْهِ (وَالْقُدْرَة عَلَيْهِ) أَي الْمُسلم فِيهِ لِأَن من شُرُوط جَوَاز البيع كَون الْمَبِيع مَوْجُودا مَمْلُوكا للْبَائِع أَو مُوكله، فَلَمَّا رخص الشَّارِع فِي السّلم بِصِيغَة الْأَجَل الْمَعْلُوم علمنَا أَنه أَقَامَ الْأَجَل الَّذِي هُوَ سَبَب الْقُدْرَة الْحَقِيقِيَّة عَلَيْهِ مقَامهَا، وفوات الشَّيْء إِلَى خلف كلا فَوَات (وَإِن) كَانَ الْمُسلم فِيهِ (عِنْده) أَي الْمُسلم إِلَيْهِ (بِنَاء على كَونه) أَي الْمُسلم فِيهِ (مُسْتَحقّا لحَاجَة أُخْرَى) فَيكون بِمَنْزِلَة الْعَدَم كَالْمَاءِ الْمُسْتَحق للشُّرْب فِي جَوَاز التَّيَمُّم (والإقدام) على الْإِسْلَام (دَلِيله) أَي كَونه مُسْتَحقّا لَهَا، وَإِلَّا لباعه فِي الْحَال بأوفر ثمن (بِدَلِيل النَّص على الْأَجَل) وَهُوَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أجل مَعْلُوم الْجَار مُتَعَلق بقوله اشْتَمَل، كَأَنَّهُ قيل من أَيْن لكم أَن حكم الأَصْل مُشْتَمل على جعل الْأَجَل خلفا عَن الْملك وَالْقُدْرَة، فَأجَاب بِهِ فَإِن قلت: النَّص دلّ على اعْتِبَار الْأَجَل لَا مَا ذكرت من الخلفية قلت: لما كَانَ اشْترط الْملك وَالْقُدْرَة أَمر مقررا فِي البيع مُطلقًا وَوجدنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute