فِي النَّص مَا يصلح لِأَن يكون بَدَلا عَنْهُمَا عرفنَا أَن الْمَقْصُود من اشْتِرَاطه ذَلِك (وَهُوَ) أَي جعل الْأَجَل خلفا الخ (مُنْتَفٍ من) السّلم (الْحَال) قيل: يلْزم من هَذَا تَغْيِير حكم الأَصْل الْمَنْصُوص عَلَيْهِ فِي الْفَرْع، لَا تَغْيِير حكم نَص على غير حكم الأَصْل وَأجِيب بِأَنَّهُ فِيهِ تَغْيِير حكم نَص آخر أَيْضا، وَهُوَ نَهْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع مَا لَيْسَ عِنْد الْإِنْسَان فَهُوَ يصلح مِثَالا لكل من الْقسمَيْنِ (وَلَا يخفى أَنه) أَي الشَّرْط الْمَذْكُور (بِالذَّاتِ شَرط التَّعْلِيل، لَا) شَرط (حكم الْفَرْع، ويستلزم) انتفاؤه (التَّغَيُّر فِي الْفَرْع) فَإِن قيل جوزتم دفع قيمَة الْوَاجِب فِي الزَّكَاة قِيَاسا على الْعين، وَصرف الزَّكَاة إِلَى صنف وَاحِد قِيَاسا على صرفهَا إِلَى الْكل بعلة دفع الْحَاجة، وَفِيه تَغْيِير لحكم النَّص الدَّال على وجوب عين الشَّاة، وَالدَّال على كَونهَا جَمِيع الْأَصْنَاف قُلْنَا: تَغْيِير النصين مَمْنُوع كَمَا سبق فِي أَوَاخِر التَّقْسِيم الثَّانِي للمفرد بِاعْتِبَار ظُهُور دلَالَته، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَتقدم دفع النَّقْض بِدفع الْقيم) وَكَذَا تقدم دَفعه فِي جَوَاز دفع الزَّكَاة لصنف وَأورد أَيْضا بِأَنَّهُ ثَبت وجوب اسْتِعْمَال المَاء فِي تَطْهِير الثَّوْب من النَّجَاسَة بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقد جوزتم إِزَالَتهَا بِكُل مَائِع طَاهِر قالع سوى المَاء فَفِيهِ تَغْيِير النَّص، فَأجَاب بقوله (وإلحاق غير المَاء بِهِ) أَي بِالْمَاءِ فِي إِزَالَة النَّجَاسَة الْحَقِيقِيَّة إِنَّمَا هُوَ (للْعلم بِأَن الْمَقْصُود) للشارع من الْأَمر بِغسْل الثَّوْب (الْإِزَالَة) للنَّجَاسَة (لَا الِاسْتِعْمَال) للْمَاء من حَيْثُ هُوَ (وَإِن نَص على المَاء فِي قَوْله: واغسليه بِالْمَاءِ للاكتفاء بِقطع محلهَا (أَي النَّجَاسَة تَعْلِيل للْعلم بِالْمَقْصُودِ: أَي للْإِجْمَاع على الِاكْتِفَاء عَن اسْتِعْمَال المَاء بِقطع محلهَا فِي إِسْقَاط الْوَاجِب، وَلَو كَانَ اسْتِعْمَاله وَاجِبا لعَينه لم يسْقط بذلك (فيتعدى) هَذَا الحكم وَهُوَ طَهَارَة الثَّوْب (إِلَى كل مزيل) الخ، وَإِنَّمَا نَص على المَاء، لِأَنَّهُ الْغَالِب فِي الِاسْتِعْمَال مَعَ مَا فِيهِ من الْيُسْر (بِخِلَاف) إِزَالَة (الْحَدث) بالمائع الْمَذْكُور، وَجَوَاب سُؤال، وَهُوَ أَنه: جوزتم إِزَالَة النَّجَاسَة عَن الثَّوْب بالمائع الْمَذْكُور لكَون مَقْصُود الشَّارِع إِزَالَة النَّجَاسَة وَهِي حَاصِلَة بِهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَن يجوز إِزَالَة الْحَدث بِهِ أَيْضا، لِأَن مَقْصُوده إِزَالَة تِلْكَ النَّجَاسَة الْحكمِيَّة. فَأجَاب بِمَا حَاصله أَن إِزَالَة الْحَدث غير مَعْقُول الْمَعْنى كإزالة النَّجَاسَة عَن الثَّوْب إِذْ (لَيْسَ) الْحَدث (أمرا محققا) مَوْجُودا فِي الْخَارِج مَعَ قطع النّظر عَن اعْتِبَار الشَّرْع (يزَال) بِالْمَاءِ كالنجاسة على الثَّوْب وَالْبدن (بل) هُوَ (اعْتِبَار) شَرْعِي اعْتَبرهُ قَائِما بالأعضاء ثمَّ (وضع المَاء لقطعه) فَهُوَ أَمر تعبدي، وَإِلَّا فالماء إِنَّمَا يزِيل الأجرام الحسية لَا الْأُمُور المعنوية (فاقتصر حكمه) أَي حكم الْقطع الْمَذْكُور (على مَا علم قطع الشَّارِع اعْتِبَاره) أَي اعْتِبَار الْحَدث (عِنْده) وَهُوَ اسْتِعْمَال المَاء، وَلَا يُقَاس الْمَائِع الآخر عَلَيْهِ فِي هَذَا، فَإِن الطَّهَارَة على خلاف الْقيَاس لما ذكر، وَقيل الْقيَاس أَن يَتَنَجَّس المَاء بِمُجَرَّد ملاقاة النَّجَاسَة فَتخلف النَّجَاسَة البلة النَّجِسَة، وَكَذَا فِي الْمرة الثَّانِيَة وهلم جرا. وَأجِيب بِأَن الشَّارِع أسقط
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute