للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا لتتحقق إِزَالَة النَّجَاسَة، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَإِذ سقط التنجس بالملاقاة فِيهِ) أَي فِي المَاء (لتحَقّق الْإِزَالَة سقط) التنجس بالملاقاة (فِي غَيره) أَي غير المَاء من الْمَائِعَات (لذَلِك) أَي لتحَقّق الْإِزَالَة، والاشتراك فِي الْعلَّة يُوجب الِاشْتِرَاك فِي الحكم. (وَمَا يُقَال) من أَن (فِي المَاء) سقط مُقْتَضى الْقيَاس الْمَذْكُور وَهُوَ التنجس بالملاقاة (للضَّرُورَة) بِخِلَاف غَيره لعدم الضَّرُورَة (أَن أُرِيد ضَرُورَة الْإِزَالَة فَكَذَا فِي غَيره) سقط مُقْتَضَاهُ فِي غَيره من سَائِر الْمَائِعَات لتِلْك الضَّرُورَة، وَفِيه أَن حَقِيقَة الضَّرُورَة اسْتِحَالَة الْإِزَالَة عِنْد عدم السُّقُوط، وَهِي لَا تُوجد فِي غير المَاء لاندفاع الضَّرُورَة بِهِ فَتدبر (أَو) أُرِيد (أَنه لَا يزِيل سواهُ) أَي المَاء حسا (فَلَيْسَ) هَذَا المُرَاد (وَاقعا) وَهُوَ ظَاهر (أَو لَا يزِيل) النَّجَاسَة غَيره: أَي غير المَاء (شرعا فَمحل النزاع) فَعلم أَنه لَا وَجه لما يُقَال، وَقد يُقَال أَن الْخصم إِن كَانَ مستدلا فَجعله الشَّارِع فِيهِ عِلّة الحكم غير صَحِيح، وَأما إِذا كَانَ مَانِعا فَيجوز أَن يَجْعَل سندا لمنع وجود الْعلَّة فِي الْفَرْع، وَحَاصِله لم لَا يجوز أَن تكون الْعلَّة هَكَذَا وَلَا يضرّهُ عدم تَسْلِيم الْخصم إِيَّاه (وَأَن لَا يتَقَدَّم) حكم الْفَرْع بالشرعية (على حكم الأَصْل) أَي وَمن شُرُوط الْفَرْع هَذَا (كَالْوضُوءِ) إِذا قيس (فِي وجوب النِّيَّة) فِيهِ (على التَّيَمُّم) بِجَامِع أَن كلا مِنْهُمَا تَطْهِير حكمي، لِأَن شَرْعِيَّة الْوضُوء قبل شَرْعِيَّة التَّيَمُّم، إِذْ شرع الْوضُوء قبل الْهِجْرَة، وَالتَّيَمُّم بعْدهَا (لثُبُوته) أَي حكم الْفَرْع: أَي الْوضُوء من (قبل علته) أَي قبل ثُبُوت علته لِأَنَّهَا مستنبطة من حكم الأَصْل الْمُتَأَخر (إِلَّا) أَن يكون (إلزاما بِمَعْنى لَا فَارق) الِاسْتِثْنَاء إِمَّا مُنْقَطع، وَالْمعْنَى قِيَاس الْوضُوء على التَّيَمُّم لَا يَصح لما ذكر لَكِن إِن لم يكن الِاسْتِدْلَال بطرِيق الْإِلْزَام على الْخصم يَصح، تَقْرِيره أَن النِّيَّة فِي التَّيَمُّم وَاجِبَة إِجْمَاعًا، وَقد اعترفتم بِعَدَمِ الْفرق بَين الْوضُوء وَالتَّيَمُّم كل مِنْهُمَا طَهَارَة حكمِيَّة وَلم يخْتَص كل شَيْء مِنْهُمَا بخصوصية لَا تُوجد فِي الآخر، فَلَزِمَ عَلَيْكُم الِاعْتِرَاف بِوُجُوب النِّيَّة فِي الْوضُوء أَيْضا وَإِلَّا لاختص التَّيَمُّم بخصوصية لم تُوجد فِي الْوضُوء، وَهُوَ خلاف الْمَفْرُوض، وَإِمَّا مُتَّصِل، وَالْمعْنَى لَا يسْتَدلّ بِوُجُوب النِّيَّة فِي التَّيَمُّم على وُجُوبهَا فِي الْوضُوء بِوَجْه من الْوُجُوه إِلَّا بطرِيق الْإِلْزَام (وأبدل متأخرو الْحَنَفِيَّة هَذَا) الشَّرْط (بِأَن يكون) الْفَرْع (نَظِيره) أَي مثل الأَصْل فِي الْوَصْف الَّذِي تعلق بِهِ الحكم فِي الأَصْل بِأَن يُوجد مثل ذَلِك فِي الْفَرْع من غير تفَاوت (وَلَيْسَ الْوضُوء نَظِيره) أَي التَّيَمُّم (لِأَنَّهُ) أَي الْوضُوء (مطهر فِي نَفسه: أَي منظف) فسره لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن المُرَاد من الطَّهَارَة الْمَعْنى الْمُتَنَازع، فتلزم المصادرة على الْمَطْلُوب، بل المُرَاد التَّنْظِيف من الأخباث والأوساخ (وَالتَّيَمُّم ملوث، اعْتبر مطهرا شرعا عِنْد قصد أَدَاء الصَّلَاة، وَهُوَ) أَي قصد أَدَائِهَا (النِّيَّة) الْوَاجِبَة فِيهِ (فَلَا يلْزم فِيمَا هُوَ مطهر فِي نَفسه منظف قصر طَهَارَته شرعا على

<<  <  ج: ص:  >  >>