للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِك الْقَصْد) أَي قصد أَدَاء الصَّلَاة حَتَّى لَا تستباح بِهِ إِلَّا مَعهَا (وَحَاصِله) أَي حَاصِل هَذَا الْمَنْع (فرق) بَين الْمَقِيس والمقيس عَلَيْهِ (من جِهَة الْآلَة الَّتِي يُقَام بهَا الفعلان) الْوضُوء وَالتَّيَمُّم وَهِي المَاء، الْمُطلق والصعيد الطَّاهِر (وَتجوز بِالْوضُوءِ فِي المَاء) وبالتيمم فِي التُّرَاب، يَعْنِي ذكر الْوضُوء فِي قَوْلهم الْوضُوء مطهر وَالتَّيَمُّم ملوث (كَمَا يفِيدهُ التَّعْلِيل) فَإِنَّهُ صرح فِيهِ بقوله من جِهَة الْآلَة إِلَى آخِره، بعد ذكر التَّنْظِيف والتلويث. وَلما نفى الْمُعْتَرض كَون الْوضُوء نَظِير التَّيَمُّم فِيمَا علل بِهِ وجوب النِّيَّة فِيهِ. وَهُوَ كَونه ملوثا فَإِنَّهُ منظف فِي نَفسه أجَاب المُصَنّف عَن الْمُسْتَدلّ بِبَيَان عدم كَونه ملوثا فِي وُجُوبهَا لكَونه فِي ذَلِك اعْتِبَارا شَرْعِيًّا يَسْتَوِي بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ تنظيف الْآلَة وتلويثها فَقَالَ (وَأَنت تعلم أَن التَّعْدِيَة) هُنَا (لحكم شَرْعِي هُوَ اشْتِرَاط النِّيَّة لثُبُوت التَّطْهِير بِالتُّرَابِ). ثمَّ فسر التَّطْهِير بقوله (أَي رفع المانعية الشَّرْعِيَّة) من قرْبَان الصَّلَاة وَنَحْوهَا الْقَائِمَة بالأعضاء (لَا) أَن التَّعْدِيَة (لوصف طبيعي) للمقيس عَلَيْهِ: أَي لَا لثُبُوت وصف طبعي المَاء وَالتُّرَاب من حَيْثُ الْإِفْضَاء إِلَى ذَلِك الثُّبُوت (وَالْمَاء كالتراب فِي ذَلِك) أَي فِي رفع المانعية الشَّرْعِيَّة فَكَمَا أَن الرّفْع الْمَذْكُور بِسَبَب اسْتِعْمَال التُّرَاب لَيْسَ مَعْقُول الْمَعْنى، فَكَذَلِك سَبَب اسْتِعْمَال المَاء لَيْسَ مَعْقُول الْمَعْنى (وَقد شَرط الشَّرْع فِي ذَلِك) أَي الرّفْع الْمَذْكُور (النِّيَّة) فِي اسْتِعْمَال التُّرَاب (فَكَذَا المَاء، وَكَونه) أَي المَاء (لَهُ وصف اخْتصَّ بِهِ طبيعي هُوَ إِزَالَة القذر والتنظيف لَا دخل لَهُ فِي الحكم) الْمَذْكُور: أَي اشْتِرَاط النِّيَّة لرفع المانعية (وَلَا الْجَامِع) بَين الْمَقِيس والمقيس عَلَيْهِ: وَهُوَ الطَّهَارَة الْحكمِيَّة مَعْطُوف على الحكم (وَقَوْلهمْ) أَي الْحَنَفِيَّة (عِنْد قصد الصَّلَاة تجوز) بِالصَّلَاةِ (عَن قربَة مَقْصُودَة لذاتها) أَي مَشْرُوعَة ابْتِدَاء يعقل فِيهَا معنى الْعِبَادَة (لَا تصح إِلَّا بِالطَّهَارَةِ) فَدخل التَّيَمُّم لسجدة التِّلَاوَة كَمَا هُوَ الصَّحِيح، وَخرج التَّيَمُّم لمس الْمُصحف لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعبَادة مَقْصُودَة لذاتها، وَالتَّيَمُّم لِلْإِسْلَامِ وَالسَّلَام، لِأَن كلا مِنْهُمَا وَإِن كَانَ عبَادَة مَقْصُودَة لذاتها لكنه يَصح بِدُونِ الطَّهَارَة (وَيُمكن دَفعه) أَي دفع هَذَا الْبَحْث الْمَذْكُور بقوله: وَأَنت تعلم إِلَى آخِره (بِمَنْع المثلية) بَين المَاء وَالتُّرَاب: بِأَن يُقَال (بل جعل) المَاء (مزيلا بِنَفسِهِ) أَي بطبعه (شرعا) للمانعية (كالخبث) أَي كإزالته الحسية للخبث عملا (باطلاق - ليطهركم بِهِ) سَوَاء قرن تَطْهِيره بِالنِّيَّةِ أَولا، بِخِلَاف التُّرَاب فَإِنَّهُ لم يَجعله رَافعا لتِلْك المانعية شرعا إِلَّا بِالْقَصْدِ، إِذْ طبعه ملوث ومغير فَلَا مثلية (وَإِذن يبطل) قَول الْخصم (لَا فَارق) بَين التَّيَمُّم وَالْوُضُوء للْفرق بَينهمَا بِاعْتِبَار الْإِطْلَاق وَالتَّقْيِيد (وَأَن لَا ينص على حكمه مُوَافقا) أَي وَمن شُرُوط الْفَرْع أَن لَا يكون حكمه مَنْصُوصا عَلَيْهِ حَال كَون ذَلِك الحكم الْمَنْصُوص عَلَيْهِ مُوَافقا لما يَقْتَضِيهِ الْقيَاس (إِذْ لَا حَاجَة) حِينَئِذٍ إِلَى الْقيَاس لثُبُوت حكم الْفَرْع مِمَّا هُوَ أقوى: نقل هَذَا الشَّرْط عَامَّة أَصْحَابنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>