للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عاد فهو على الفصول التي بيّنا في الآفاقي، وكذلك أهل مكة ميقاتهم للحجِّ الحرمُ، وللعمرة الحلُّ، فلو أنّه ترك ميقاته فأحرم للحج من الحل وللعمرة من الحرم يجب الدم، إلا إذا عاد وجدّد التلبية سقط عنه ذلك الدم على الفصول التي ذكرنا في الآفاقي (١).

فالحاصلُ أنّ كلَّ من أتى المواقيت الخمسة التي بيّنا سواءٌ قصد الحج، أو العمرة، أو قصد حاجةً أخرى، كالتّجارة، وهو من أهل الآفاق، أو من أهل الحِلّ، أو أهل الحرم، فلا يُباح لهم مجاوزته، إلا محرماً؛ لأنّه قصد مجاوزة الوقتين، وقت أهل الآفاق، ووقت أهل البستان.

ومن قصد بستانَ بني عامرٍ، أو غير ذلك من الحلّ يُباح له مجاوزته بغير إحرام، فإذا حصل بالبستان، أو الحِلّ، ثم أراد دخول مكة يدخلها بغير إحرام، وهذا هو الحيلة في إسقاط الإحرام (٢).

وكذلك لو خرج من الحرم إلى الحلّ، ولم يجاوز الميقات، ثمّ أراد أن يعود إلى مكة يعود بغير إحرام (٣).

وكلُّ من جاوز الميقات قاصداً الحرمَ أو مكةَ بغير إحرامٍ يلزمه لأجل هذه المجاوزة إما حجةٌ، وإمّا عمرةٌ؛ لأنّ مجاوزة الميقات بنية الحرم بمنزلة إيجاب الإحرام على نفسه؛ ولو قال: "للّه عليّ إحرامٌ" يلزمه إما حجةٌ، وإمّا عمرةٌ؛ فكذلك إذا أوجبه بالفعل، كما لو افتتح صلاة التطوع، ثمّ أفسدها يلزمه قضاء ركعتين، كأنّه أوجب بالقول (٤). (طح) (٥)


(١) يُنظر: تحفة الفقهاء ١/ ٣٩٦، بدائع الصنائع ٢/ ١٦٥، تبيين الحقائق ٢/ ٧٥، حاشية ابن عابدين ٢/ ٥٨٠.
(٢) يعني إن تجاوز الميقات إلى ما دون الحرم غير قاصد البيت، ثمّ بدا له أن يدخل مكة لحاجة من غير إحرام، جاز؛ لأنه بوصوله إلى أهل البستان صار كواحد من أهل البستان، ولأهل البستان أن يدخلوا مكة لحاجةٍ من غير إحرام فكذا له.
يُنظر: المبسوط ٤/ ١٦٨، تحفة الفقهاء ١/ ٣٩٤، بدائع الصنائع ٢/ ١٦٦، مجمع الأنهر ١/ ٣٠٣، حاشية ابن عابدين ٢/ ٥٨٢.
(٣) لأن أهل مكة يحتاجون إلى الخروج إلى الحل للاحتطاب والاحتشاش والعود إليها، فلو ألزمناهم الإحرام عند كلّ خروج لوقعوا في الحرج.
يُنظر: المبسوط ٤/ ١٦٨، تحفة الفقهاء ١/ ٣٩٧، بدائع الصنائع ٢/ ١٦٧، حاشية ابن عابدين ٢/ ٤٧٨.
(٤) يُنظر: تحفة الفقهاء ١/ ٣٩٤، بدائع الصنائع ٢/ ١٦٤، الهداية ١/ ١٣٤، الاختيار ١/ ١٤١، العناية ٢/ ٤٢٦.
(٥) شرح مختصر الطحاوي للأسبيجابي ص ١٢١، (تحقيق: عادل العوفي).

<<  <   >  >>