للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الاستحسان يخرج الثوب (من الإجّانة الثالثة) (١) طاهراً بالإجماع (٢).

والأصلُ في صيرورة الماء مستعملاً عند أبي يوسف -رحمه الله- أحد الأمرين: إما باستعماله تقرباً إلى الله تعالى، أو بسقوط الفرض عن ذمته، وعند محمد -رحمه الله- إنما يصير مستعملاً باستعماله تقرباً إلى الله تعالى دون إسقاط الفرض (٣).

ويظهر فائدة الخلاف في مسألة البئر (٤) في الجنب إذا انغمس فيه لطلب الدلو إن كان على بدنه نجاسة فإن الماء يتنجس بالإجماع (٥).

وإن لم يكن على بدنه نجاسة قال أبو يوسف -رحمه الله-: الماء بحاله والرجل بحاله، أما الماء بحاله؛ لأنه لم يسقط الفرض عن ذمته، ولا تقربَ إلى الله تعالى فلا يصير مستعملاً، وأما الرجل فبحاله؛ لأنّ مِن مذهبه أن الجنب لا يطهُر في البئر (٦).

وقال محمد -رحمه الله-: الرجل طاهرٌ والماء طاهرٌ، أمّا الماء فطاهرٌ؛ لأنه لم يوجد منه نية التقرّب إلى الله تعالى، والرجل طاهرٌ؛ لأن المذهب عنده أن الجنب يطهر في البئر إلا أنه إذا نوى الاغتسال


(١) في (ب) و (ج): في البئر الثالث.
(٢) للضرورة تُرك القياس هنا، إذ ليس كل من تنجس ثوبه يجد من يصبُّ الماء عليه، وربما لا يمكنه الصب عليه بنفسه وغسله.
يُنظر: الأصل ١/ ٦٤، النتف في الفتاوى ١/ ١٥، المبسوط ١/ ٩٢، بدائع الصنائع ١/ ٨٧، البحر الرائق ١/ ١٠٤.
(٣) يُنظر: الصفحة رقم ١٨١ من هذا البحث.
(٤) وهذه المسألة لشهرتها عند الحنفية سمّيت بمسألة (جحط)، فالجيم علامة نجاسة الجنب والبئر، والحاء علامة بقائهما على حالهما، والطاء علامة طهارتهما. يُنظر: تبيين الحقائق ١/ ٢٥، حاشية ابن عابدين ١/ ٢٠١.
(٥) لعدم إزالة الحدث وإقامة القربة.
يُنظر: المبسوط ١/ ٥٣، بدائع الصنائع ١/ ٧٠، الاختيار ١/ ١٦، العناية ١/ ٩١، حاشية ابن عابدين ١/ ٢٠١.
(٦) يعني بمجرد الانغماس، بل لا بد من الصّب لصحة التطهّر.
يُنظر: بدائع الصنائع ١/ ٧٠، الاختيار ١/ ١٦، العناية ١/ ٩١، حاشية ابن عابدين ١/ ٢٠١.

<<  <   >  >>