للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودم الاستحاضة ما بيّنا، والمستحاضةُ في حكم الطّاهرات في حقِّ ما يلزمها من العبادات إلا أنها تتوضّأ لوقت كلِّ صلاة (١).

ويجوز لها أن تصلّي بذلك الوضوء ما شاءت من الفرائض والنّوافل ما دامت في الوقت (٢).

وتنتقض طهارتُها بدخول الوقت لا بالخروج (٣)؛ فإذا توضأت بعد طلوع الفجر ثم طلعت الشّمس انتقض وضوؤها، وإذا توضأت بعد طلوع الشّمس أجزأها أن تصلي بذلك الوضوء حتى يخرج وقت الظهر، ولا ينتقض وضوؤها بزوال الشّمس (٤).

وللمستحاضةِ وضوءان:

كاملٌ وناقص (٥).


(١) لما روى البخاري في صحيحه، [كتاب الوضوء، باب غسل الدم]، (١/ ٥٥:برقم ٢٢٨) عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا، إنما ذلك عرق، وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي». وقال أبي (يعني عروة بن الزبير) "ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت".
قال السرخسي: ما روي «لكل صلاة» فالمراد منه الوقت، فالصلاة تذكر بمعنى الوقت قال: -صلى الله عليه وسلم- «إن للصلاة أولا، وآخرا» أي لوقت الصلاة.
يُنظر: الأًصل ١/ ٢٩٠، شرح مختصر الطحاوي للجصاص ١/ ٤٧٤، المبسوط ١/ ٨٤، بدائع الصنائع ١/ ٢٨، الاختيار ١/ ٢٩، البحر الرائق ١/ ٢٢٦.
(٢) لأنّ خروج الدّم منها لا يكون حدثا في الحال ما دام وقت الصلاة قائما، حتى لو توضأت في أول الوقت فلها أن تصلي ما شاءت من الفرائض، والنوافل ما لم يخرج الوقت، وإن دام السيلان.
يُنظر: بدائع الصنائع ١/ ٢٨، المحيط البرهاني ١/ ٥٢، اللباب ١/ ١٤٩، البناية ١/ ٦٧١، البحر الرائق ١/ ٢٢٦.
(٣) إسنادُ النقض إلى الخروجِ والدخول مجاز، فإنّ الناقضَ في هذه الصور هو الحدثُ السابق، وإنّما ظهر أثره في هذا الوقت، كما في عمدة الرعاية ٢/ ١٥٨.
(٤) لأن الشارع أجاز إشغال الوقت كله بالأداء ولا يمكن ذلك إلا بتقديم الطهارة؛ ولأن دخول الوقت دليل ثبوت الحاجة وخروجه دليل زوالها فإضافة الانتقاض إلى دليل زوال الحاجة أولى من إضافته إلى دليل ثبوتها.
يُنظر: المبسوط ١/ ٨٤، بدائع الصنائع ١/ ٢٩، تبيين الحقائق ١/ ٦٧، العناية ١/ ١٨٠، البناية ١/ ٦٨٠.
(٥) سيُبيّن المؤلف صور هذه المسألة وأدلتها من خلال المثال.

<<  <   >  >>