للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من خلفهم؛ لأنّ الثلاثة صف، وعند اتصال الصفوف لا يبقى الطريق حائلاً (١).

ولو قام الإمامُ في الطريق واصطفّ النّاس خلفه في الطريق على طول الطريق إن لم يكن بين الإمام وبين من خلفه في الطريق مقدار ما تمر فيه العَجَلة جازت صلاتهم، وكذا فيما بين الصفّ الأول والثاني إلى آخر الصفوف (٢).

ولو كان بين الإمام والمقتدي نهرٌ يجري فيه الزّوْرَق (٣) يمنع الاقتداء (٤).

والنهرُ المطلقُ والطريقُ المطلقُ ما يكون كبيراً، وحدُّ الكبير ما قلنا (٥).

وإن كان بينهما حائطٌ لا يمنع الاقتداء (٦)؛ لأنّه عليه السّلام كان يصلّي في حُجرة عائشة والناس في المسجد ويصلون بصلاته (٧).

وهذا إذا كان الحائط قصيراً أُسُّه مقدارُ الفُرجة بين الصفين ذراعٌ أو ذراعان، كما يكون بين المسجد الصيفي والشتوي، وإذا كان الحائطُ من الحجر أو المدر أُسُّه يكون أوسع من الفُرجة بين الصفّين لا يجوز الاقتداء (٨).


(١) يُنظر: المحيط البرهاني ١/ ٤١٦، فتح القدير ١/ ٣٨٢، حاشية الطحطاوي على المراقي ص ٢٩٢، حاشية ابن عابدين ١/ ٥٨٦.
(٢) لأن باتصال الصفوف خرج هذا الموضع من أن يكون ممرا للناس وصار مصلى في حكم هذه الصلاة.

يُنظر: المبسوط ١/ ١٩٣، المحيط البرهاني ١/ ٤١٧، النهر الفائق ١/ ٢٥٣، حاشية ابن عابدين ١/ ٥٨٦.
(٣) الزورق: السفينة الصغيرة. يُنظر: الصحاح ٤/ ١٤٩٠، لسان العرب ١٠/ ١٤٠، تاج العروس ٢٥/ ٣٩٩.
(٤) لأن النهر في هذه الحال يمنع الاقتداء؛ لاختلاف المكانين عرفاً مع اختلافهما حقيقة، وهذا هو التقدير الأول للنهر الكبير الذي يمنع الاقتداء، وسيذكر المؤلف قولاً ثانياً في هذه المسألة في الصفحة رقم ٥٣٦، وما ذكره هنا اقتصر عليه في الفتح، واختاره في الدرر والدر، وقال العيني:"وقال محمد: لا يمنع إلا ما تجري فيه السفينة والزورق، وهكذا ذكر الحاكم الشهيد في المنتقى، قال صاحب الذخيرة: وهو الصحيح، وفي المحيط: وهو الأصح".
يُنظر: المبسوط ١/ ١٩٣، بدائع الصنائع ١/ ١٤٥، البناية ٢/ ٣٥٢، فتح القدير ١/ ٣٨٢، درر الحكام ١/ ٩١، الدر المختار ص ٨٠.
(٥) يعني من كون الطريق ما تجري فيه العجلة والأوقار، والنهر ما يجري فيه الزورق.
(٦) يُنظر: المحيط البرهاني ١/ ٤١٥، البحر الرائق ١/ ٣٨٤، مراقي الفلاح ص ١١١، حاشية ابن عابدين ١/ ٥٨٨.
(٧) رواه البخاري في صحيحه، [كتاب الأذان، باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة]، (١/ ١٤٦:برقم ٧٢٩)، ولفظه: "عن عائشة، قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقام أناس يصلون بصلاته ... " الحديث.
(٨) لأنّ الحائط في الوجه الأول لا يمنع الوصول إلى الإمام بخلاف الثاني، ووجه التعليل بالوصول للإمام: أن المقتدي إذا لم يمكنه الوصول إلى الإمام فقد اختلف مكانه عن مكان إمامه.
يُنظر: المحيط البرهاني ١/ ٤١٥، الجوهرة النيرة ١/ ٦٢، البحر الرائق ١/ ٣٨٤، حاشية ابن عابدين ١/ ٥٨٦.

<<  <   >  >>