للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجنونُ كالإغماء في حقّ الصّلاة، حتى لو جُنّ أقلَّ من يومٍ وليلةٍ، أو يوماً وليلة فإنّه يلزمه قضاء ما فاته من الصلوات، وإن كان أكثر من يومٍ وليلةٍ لا يلزمه قضاء ما فات (١).

ولو أُغمي عليه بفزعٍ من سَبُعٍ أو آدميٍّ حتى غشي عليه أكثرَ من يومٍ وليلةٍ سقط عنه القضاء بالإجماع (٢).

ولو شرب الخمرَ حتى ذهب عقلُه أكثر من يومٍ وليلةٍ لا يسقط، ولو شرب البَنْج (٣) أو الدواء حتى ذهب عقلُه أكثر من يوم وليلة لا يسقط؛ لأنّه بفعله (٤).

ولو أُغمي ساعةً وأفاق ساعةً إن لم يكن لإفاقته وقتٌ معلومٌ لكن يفيق بغتةً فيتكلّم بكلام الأصحّاء، ثمّ يُغمى عليه بغتةً فهذه الإفاقة غيرُ معتبرة (٥).

وإن كان لإفاقته وقتٌ معلومٌ نحو أن يخفَّ مرضه عند الصّبح فيفيق قليلاً، ثمّ يعاوده الإغماء فهذه إفاقةٌ معتبرة تُبطلُ حكمَ ما قبلها (٦). (خ) (٧)


(١) وهذا؛ لأن الجنون يعجزه عن فهم الخطاب مع بقاء الأهلية للفرض ألا ترى أن فرضه المؤدى يبقى على حاله يعني حجة الإسلام والصلاة المؤداة حتى لو أفاق قبل مضي الوقت لم يكن عليه إعادة الصلاة فعُلم من هذا أن الجنون إذا قصر فهو كالإغماء، فإن كان يوما وليلة أو أقل كان عليه قضاء الصلوات.
يُنظر: المبسوط ٢/ ١٠١، الهداية ١/ ٧٨، فتح القدير ٢/ ٩، البحر الرائق ٢/ ١٢٧، مجمع الأنهر ١/ ١٥٥.
(٢) لأن الخوف بسبب ضعف قلبه، وهو مرض. والمراد بالإجماع هنا إجماع الحنفية كما في البحر الرائق وغيره.
يُنظر: تبيين الحقائق ١/ ٢٠٤، الجوهرة النيرة ١/ ٨١، البناية ٢/ ٦٥٠، البحر الرائق ٢/ ١٢٧، حاشية ابن عابدين ٢/ ١٠٢.
(٣) البَنْج: تعريب بنك، وهو نبتٌ له حبٌّ يُسكر. يُنظر: المغرب ص ٥١، تاج العروس ٥/ ٤٢٩.
(٤) يُنظر: تبيين الحقائق ١/ ٢٠٤، الجوهرة النيرة ١/ ٨١، البناية ٢/ ٦٥٠، البحر الرائق ٢/ ١٢٧، النهر الفائق ١/ ٣٣٨.
(٥) كالمجنون قد يتكلم في جنونه بكلام الأصحاء، ولا يعد ذلك منه إفاقة.
يُنظر: المحيط البرهاني ٢/ ١٤٦، البناية ٢/ ٦٥٠، البحر الرائق ٢/ ١٢٧، حاشية ابن عابدين ٢/ ١٠٢.
(٦) يعني فيبطل ما قبلها من حكم الإغماء إذا كان أقلّ من يوم وليلة.
يُنظر: المحيط البرهاني ٢/ ١٤٦، البناية ٢/ ٦٥٠، البحر الرائق ٢/ ١٢٧، الفتاوى الهندية ١/ ١٣٧، حاشية ابن عابدين ٢/ ١٠٢.
(٧) الخلاصة في الفتاوى ١/ ١٩٦.

<<  <   >  >>