للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأصلُ في باب الإقامة أنّه إذا نوى الإقامة في موضعٍ يُمكنه الإقامة باختيار نفسه، فبنيّة الإقامة يصير مقيماً، وإلا فلا (١).

بيانه: أن المسلمين إذا حاصروا مدينةً من مدائن الحرب (٢)

، ونووا الإقامة بها خمسة عشر يوماً (٣) فإنهم لا يصيرون مقيمين (٤).

وكذا إذا نزلوا في بعضِ بيوت الكفرة، ويقاتلون معهم، ونووا الإقامة فيها لا يصح؛ لجواز أن يزعجهم العدو ساعة بعد ساعة (٥). (طح) (٦)


(١) وعليه فالمرأة إذا كانت مع زوجها في السفر، والرقيق مع مولاه، والتلميذ مع أستاذه، والأجير مع مستأجره، والجندي مع أميره، لا يصيرون مقيمين بنية أنفسهم، لأن الأصل كالزوج والسيد والأمير هو المتمكن من الإقامة والسفر دون التبع فاعتُبرت نيته.
يُنظر: بدائع الصنائع ١/ ١٠٢، المحيط البرهاني ٢/ ٢٩، تبيين الحقائق ١/ ٢١٦، منحة السلوك ص ١٨٨.
(٢) عند أبي حنيفة لا تكون الدارُ دارَ حربٍ إلا: بإجراء أحكام أهلِ الشّرك، وباتّصالها بدار الحرب، وبأنْ لا يبقى فيها مسلمٌ أو ذميٌّ آمنًا بالأمان الأول. وعندهما: بإظهار حكم الكفر فقط.

يُنظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص ٧/ ٢١٥، المبسوط ١٠/ ١١٤، بدائع الصنائع ٧/ ١٣٠، حاشية ابن عابدين ٤/ ١٧٥.
(٣) دليل التقدير عند الحنفية بخمسة عشر يوماً هو أن المسافر لا يجد بدا من المقام في المنازل أياما للاستراحة أو لطلب الرفقة فقدرنا أدنى مدة الإقامة بالشهور، وذلك نصف شهر، ولأن مدة الإقامة في معنى مدة الطهر؛ لأنه يعيد ما سقط من الصوم والصلاة، فكما يتقدر أدنى مدة الإقامة في معنى الطهر بخمسة عشر يوما فكذلك أدنى مدة الإقامة، ولأنه روي عن جمع من الصحابة.
يُنظر: الأصل ١/ ٢٣٢، المبسوط ١/ ٢٣٦، بدائع الصنائع ١/ ٩٧، الهداية ١/ ٨٠، المحيط البرهاني ٢/ ٢٦.
(٤) لأن نية الإقامة نية القرار وإنما تصح في محل صالح للقرار، ودار الحرب ليست موضع قرار المسلمين المحاربين لجواز أن يزعجهم العدو ساعة فساعة لقوة تظهر لهم؛ لأن القتال سجال أو تنفذ لهم في المسلمين حيلة؛ لأن الحرب خدعة فلم تصادف النية محلها فلغت؛ ولأن غرضهم من المكث هنالك: فتح الحصن دون التوطن، وتوهم انفتاح الحصن في كل ساعة قائم.
يُنظر: بدائع الصنائع ١/ ٩٨، المحيط البرهاني ٢/ ٢٧، تبيين الحقائق ١/ ٢١٢، درر الحكام ١/ ١٣٣، مجمع الأنهر ١/ ١٦٣.
(٥) يُنظر: بدائع الصنائع ١/ ٩٨، المحيط البرهاني ٢/ ٢٧، تبيين الحقائق ١/ ٢١٢، درر الحكام ١/ ١٣٣، البحر الرائق ٢/ ١٤٤.
(٦) شرح مختصر الطحاوي للأسبيجابي ص ٦٠٠، (تحقيق: محمد الغازي).

<<  <   >  >>