للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أساميهم فالمعنى الذي به يستحقُّون واحدٌ، وهو الفقر لا غير، إلّا العامل كما سبق، حتى لو دفع إلى صنفٍ واحدٍ جاز (١).

وقد سقطت المؤلفة؛ لأنّ الله تعالى أعزّ الإسلامَ وأغنى عنهم، وهم كانوا قوماً من رؤساء العرب، مثل أقرع (٢)، (وسفيان بن حرب) (٣) (٤)، وعباس بن مرداس (٥)

، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطيهم سهماً من الصدقات ليؤلّفهم على الإسلام، فلمَّا قُبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاؤوا إلى أبي بكر رضي الله عنه وأخذوا منه خطاً لسهامهم، فجاؤوا إلى عمر رضي الله عنه وأخبروه بذلك فأخذ عمرُ منهم الخطّ ومزّقه، وقال: "إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعطيكم ليؤلّفكم على الإسلام، فأمّا اليوم فقد أعزّ الله دينه، فإن تبتم، وإلا فليس بيننا وبينكم إلا السّيف أو الإسلام"، فانصرفوا إلى أبي بكر، وقالوا: "أنت الخليفة أم هو"؟ فقال: "إن شاء هو" (٦).


(١) لقوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [سورة البقرة، من الآية (٢٧١)].، قال الجصاص: " هذا عام في جميع الصدقات؛ لأنه اسم للجنس، لدخول الألف واللام عليه، وتضمنت الآية جواز إعطائها الفقراء، وهم صنف من الأصناف المذكورين في الآية الأخرى".
يُنظر: الأصل ٢/ ١٣٧، شرح مختصر الطحاوي للجصاص ٢/ ٣٧٧، التجريد ٨/ ٤١٨٦، الهداية ١/ ١١١، البناية ٣/ ٤٥٨.
(٢) هو الأقرع بن حابس بن عقال بن مُحَمَّد بن سفيان التميميّ الدّارميّ، أحد المؤلفة قلوبهم، كان سيّداً من سادات العرب، شهد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فتح مكة وحنينًا والطائف، توفي في خلافة عمر بن الخطاب، وقيل في خلافة عثمان، رضي الله عنهم. يُنظر: الاستيعاب لابن عبد البر ١/ ١٠٣، أسد الغابة ١/ ٢٦٤.
(٣) كذا في سائر النسخ، والصواب: أبو سفيان بن حرب.
(٤) هو أبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي، واسمه صخر، أحد دهاة العرب، وشيخ قريش، وقائدهم في معركة الأحزاب، ثم أسلم يوم الفتح وشهد حنيناً. توفي سنة ٣١ هـ. يُنظر: الاستيعاب لابن عبد البر ٢/ ٧١٤، تاريخ الإسلام ٢/ ٢٠٠، أسد الغابة ٣/ ٩.
(٥) هو عباس بْن مرداس بْن أَبِي عامر بن جارية بن عبد بن عبس بن رفاعة السلمي، يكنى أبا الهيثم، وقيل: أَبُو الفضل، شاعرٌ فارسٌ، من سادات قومه أسلم قبل فتح مكة بيسير، وكان من المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم، مات في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. يُنظر: الاستيعاب لابن عبد البر ٢/ ٨١٧، أسد الغابة ٣/ ١٦٧ ..
(٦) رواه البيهقي في السنن الكبرى، [كتاب قسم الصدقات، باب سقوط سهم المؤلفة قلوبهم .. ]، (٧/ ٣٢:برقم ١٣١٨٩) عن ابن سيرين، عن عبيدة قال: "جاء عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالا: يا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها كلأ ولا منفعة، فإن رأيت أن تقطعناها لعلنا نزرعها ونحرثها، فذكر الحديث في الإقطاع، وإشهاد عمر رضي الله عنه عليه ومحوه إياه قال: فقال عمر رضي الله عنه: " إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يتألفكما والإسلام يومئذ ذليل، وإن الله قد أعز الإسلام فاذهبا، فأجهدا جهدكما لا أرعى الله عليكما إن رعيتما ". قال ابن المديني: "منقطع"، وذكر ابن حجر طريقاً آخر له، وصحّحه. يُنظر في الحكم على الحديث: مسند الفاروق لابن كثير ١/ ٣٨٤، الإصابة ١/ ٢٥٤.

<<  <   >  >>