للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النّاس جزافاً فهم مسيؤون، وهذا الرجل محسنٌ، ولو أصبح وهو صائمٌ في أول يومٍ من رمضان والناس مفطرون، إن صام هو برؤية الهلال، أو بعدِّه شعبان ثلاثين يوماً فهو محسن، والنّاس مسيؤون، وعليهم القضاء دون الكفارة، وإن صام جزافاً فهو مسيءٌ، وهم محسنون (١).

(خ) (٢)

رجلٌ جنّ في رمضان، ثمّ أفاق بعد سنين في اليوم الأخير من رمضان، كان عليه قضاءُ الشّهر الذي جنّ فيه، وقضاء الشهر الذي أفاق فيه، وليس عليه قضاءُ ما بين ذلك من السنين الماضية (٣)، وهذا إذا أفاق قبل الزوال، أما إذا أفاق بعده يجعل كأنه لم يُفق في هذا الشهر (٤)، وهذا إذا بلغ عاقلاً ثم جنّ (٥).

أما إذا بلغ مجنوناً ثم أفاق في رمضان يلزمه القضاءُ على الأصحّ (٦).


(١) هاتان الصورتان ذُكرت الثانية منهما في الأصل للشيباني، وذكر السّرخسي في تصويرها أن المراد تقدم رمضان للاحتياط، وأن إحسان من أحسن في كلّ ما مرّ مبنيٌّ على صوم ما وجب برؤية الهلال، أو بإكمال شعبان، دون الوقوع في المنهي عنه مِن تقدم رمضان، وأن الإساءة مبنية على عكس ذلك، ودليل النهي عن تقدم رمضان للاحتياط ما روى البخاري في صحيحه، [كتاب الصوم، باب: لا يتقدم رمضان بصوم يوم ولا يومين]، (٣/ ٢٨:برقم ١٩١٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه، فليصم ذلك اليوم».

يُنظر: الأصل ٢/ ١٤٩، المبسوط ٣/ ٦٣، تبيين الحقائق ١/ ٣١٧، درر الحكام ١/ ١٩٨.
(٢) الخلاصة في الفتاوى ١/ ٢٥٠.
(٣) عليه قضاء الشهر الأول والأخير لإدراكه جزءاً منهما؛ لأنّ شهود بعض الشهر، شهودٌ لكلّه، فقد وجد شرط تكليف الصوم، فلزمه جميع الشهر، وليس عليه قضاء الشهور التي في السنين الماضية بين ذلك؛ لأنّه لم يدرك جزءاً منها في حال الإفاقة.
يُنظر: الأصل ٢/ ١٦٦، شرح مختصر الطحاوي للجصاص ٢/ ٤٤٩، المبسوط ٣/ ٨٨، بدائع الصنائع ٢/ ٨٨،
(٤) يعني لو أفاق بعد الزوال من اليوم الأخير من رمضان فلا يلزمه القضاء؛ لأن الصوم لا يصح فيه كالليل.
يُنظر: البناية ٤/ ٩٦، البحر الرائق ٢/ ٣١٢، الشُّرنبلاليّة ١/ ٢١١، مجمع الأنهر ١/ ٢٥٣.
(٥) يعني الجنون الطارئ.
(٦) لأن الجنون الأصلي لا يفارق العارضي في شيء من الأحكام، وهذا هو ظاهر الرواية، وهو قول أبي يوسف.
يُنظر: المبسوط ٣/ ٨٩، بدائع الصنائع ٢/ ٨٩، الهداية ١/ ١٢٦، العناية ٢/ ٣٦٩، حاشية ابن عابدين ٢/ ٤٣٣.

<<  <   >  >>