وما سلكت فجاج الأرض مفترسا … حتى ضمنت ولو بالنفس إسعادي
من أين يعلم أنّ البين وخزته … في الصدر أسلم منها ضربة الهادي
لا در درك إن وريت عن خبري … إذا سئلت وإذا شمت حسادي
قل للمقيمين بالبطحاء إن لكم … بالرقمتين أسيرا ما له فادي
يد العواذل تطويه وتنشره … شبه المريض طريح بين عواد
ليت الملامة سدت كل سامعة … فلم تجد مسلكا أرجوزة الحادي
فإن رويت أحاديث الذين نأوا … فعن نسيم الصبا والبرق إسنادي
أكلف القلب أن يهوى وألزمه … صبرا وذلك جمع بين أضداد
وأكتم لركب أوطاري وأسألهم … حاجات نفسي لقد أتعبت روادي
هل مدلج عنده عن منكم خبر … وكيف يعلم حال الرائح الغادي
قالوا تعرض لغزلان النقا بدلا … امقنعي شبه أجياد لأجياد
إن الظباء التي هام الفؤاد بها … يرعين ما بين أحشاء وأكباد
نزلن من أنفس العشاق من حرم … فليس يطمع فيها حبل صياد
وأنشدنا الحاتمي، أنشدنا ابن السمعاني، أنشدنا أبو سعد الزوزني، أنشدنا أبو منصور بن الفضل لنفسه:
لو كنت أشفق من خصيب بنان … ما زرت حيّكم بغير أمان
ما صبوة دبّت إليّ خديعة … كالخمر تسرق يقظة النشوان
انظر فما غضّ الجفون بنافع … قلبا يرى ما لا ترى العينان
ولذاك عنّفني النصوح فلم أقل … إن الصبا شيطانه أغراني
فعلمت أن الحب فيه غواية … مغتالة للشيب والشبان
ما فوق أعجاز الركاب رسالة … تلهى ففيم مجيئة الركبان
عذرا فلو علموا جواك لسالموا … غزلان وحره عن غصون البان
قولا لكثبان العقيق تطاولي … دون الحمى امددك بالطمحان
ولتنفس الرجل زفرة مدنف … إن لم يغثه الدمع بالهملان
عجل الفريق وكل طرف أثرهم … متعثر اللحظات بالأطعان
وكأنما ردى يوم لقيتها … بالدمع قد نسجا من الأجفان