للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحمد والثناء والتمجيد الذي هو أهله جل في علاه، مع التذكير بوجوب شكره وحمده على نعمه وآلائه، والإقرار له بالربوبية، وفي الإقرار بذلك كله تنزيه لله عن كل نقص، فكما أنه سبحانه اتصف بالكمال المطلق، فالنقائص كلها في حقه محاله.

وقوله: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)}، فيه الثناء على الله بوصفه جل في علاه بالرحمة العامة {الرَّحْمَنِ}، والرحمة الخاصة {الرَّحِيمِ}.

والسورة الكريمة كلها في التوحيد من أولها وحتى آخر، وكل آية فيها تدل على التوحيد، ولقد ورد في السورة التوحيد بأنواعه الثلاثة الألوهية والربوبية والأسماء والصفات، فقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} متضمن لتوحيد الألوهية، وكذلك قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} وكذلك قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)}. ففي كل ذلك دلالة على توحيد الألوهية.

وتوحيد الألوهية هو: توحيد الله بأفعال العباد، والتي منها: الحمد والعبادة والدعاء والاستعانة.

«وهو إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة؛ الظاهرة، والباطنة، قولًا، وعملًا، ونفي العبادة عن كل من سوى الله تعالى كائنًا من كان» (١).

وقوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} متضمن لتوحيد الربوبية.

وتوحيد الربوبية: هو توحيد الله تعالى بأفعاله سبحانه وتعالى:

وهو: «الإقرار بأنَّ الله سبحانه وتعالى هو ربّ كل شيءٍ ومليكه، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الخالق، والرازق، والمحيي، والمميت، والنافع، والضار (٢)، والمتفرّد


(١) معارج القبول شرح سلم الأصول (١/ ٣١).
(٢) لم يثبت بدليل صحيح أن الضار من أسماء الله تعالى وإنما ورد ذلك في الحديث المشهور الذي فيه تعداد الأسماء الحسنى، وهو حديث ضعيف، رواه الترمذي وغيره. والمقرر عند أهل العلم أن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية، أي: لا يثبت منها شيء إلا بالدليل. فإذا لم يثبت=

<<  <   >  >>