للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال العلَّامة الفقيه محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: «مِن حكم خلقه عيسى من امرأة بغير زوج ليجعل ذلك آية للناس، أي: علامة دالة على كمال قدرته وأنه يخلق ما يشاء كيف يشاء، إن شاء خلقه من أنثى بدون ذكر كما فعل بعيسى، وإن شاء خلقه من ذكر بدون أنثى كما فعل بحواء، كما نص على ذلك بقوله: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: ١]، أي: خلق من تلك النفس التي هي آدم زوجها حواء، وإن شاء خلقه بدون الذكر والأنثى معًا كما فعل بآدم، وإن شاء خلقه من ذكر وأنثى، كما فعل بسائربني آدم» (١) انتهى.

ومن تلك الدلائل العظيمة أيضًا الدالة على ربوبيته سبحانه: خبر العزير وموته مائة عام ثم بعثه، قال تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٥٩)} [البقرة].

وخبر بقرة بني إسرائيل وإحياء القاتل بضربه ببعضها، وقصة أصحاب الكهف ومكثهم ولبثهم في الكهف نائمين ثلاثة مائة سنين وازدادوا تسعًا، لم يتغيروا ولم تتآكل أجسادهم، ومثل هذا في القرآن كثير، ولعل في الإشارة ما يغني عن العبارة.

[ومن دلائل ومشاهد ربوبية الله تعالى في القرآن]

١ - أن له الخلق والأمر: قال سبحانه: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢)} [الزمر] فهذه «الأشياء كلها موكولة إليه، فهو القائم بحفظها» (٢) وقال سبحانه: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} [الأعراف].

٢ - ومن تلك الدلائل أيضًا: أنه سبحانه المتفرد بالخلق والرزق والملك وتدبير


(١) أضواء البيان (٤/ ٢٥٩).
(٢) البغوي (٧/ ١٣١).

<<  <   >  >>