للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وختامًا

فإن الباحث في ختام بحثه يحمد ربَه الكريمَ الرحمن ذا الجود والإفضال والإكرام والإنعام على ما أنعم به وأولى على عبده الضعيف الفقير، ويسر له من جمعٍ لكلام أولى العلم من أئمة التفسير وسادات التأويل والتحبير، فجمع من نفائس استنباطهم وتأويلهم وعلمهم الغزير، وكأنه يَسمع صريرَ أقلامهم كما يُسمعُ خريرُ الماءِ العذبِ النمير في يوم مطير، ولكأنه يشم من مدادهم أقلامهم أطيب مسك وأحسن عنبر وأزكى رحيق وعبير، ولكأنه يلمس من ثنايا تأويلهم وفسرهم ملمسًا لينًا طيبًا كملمس الناعم من الحرير، وقد أفاد من تأويلهم وفسرهم كما يُفادُ من ثمر النخل بعد التأبير، بداية من شيخ المفسرين الإمام ابن جرير، ومرورًا بالحافظ ابن كثير، وحتى الشوكاني صاحب فتح القدير، وغيرهم من أهل العلم وأئمة التأويل والتفسير، وختامًا بالشنقيطي صاحب أضواء البيان ذاك العالم النحرير، فرحم الله علماءَ الأمةِ قاطبةً وكلَ أئمةِ التفسير ويُخصُ منهم كلُ عالمٍ عَلَمٍ حَبرٍ وإمامٍ نحرير سار على السنة والجماعة وأثبت لله ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم- البشير النذير من الأسماء الحسنى والصفات العلى بلا تأويل، ولا تشبيه ولا تمثيل، ولا تعطيل ولا تكييف، ولا تبديل ولا تغيير، قال ربنا الحكيم الخبير: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ … شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} [الشورى].

وكان بحث الفاتحة خاص بالتوحيد الذي هو حق الله في رقاب جميع العبيد، والذي به حبل النجاة لمن حققه وعمل واستمسك به في يوم الوعيد، فصاحبه يَنال الأمن في الدنيا والآخرة فقولُهُ سليمٌ سديد، وعَمَلُهُ كذلك صالحٌ رشيد، والذي يطمع أن ينجو به من النار والعذاب الشديد، ويسلك به أعالي الجنان وقد حُرِمَ منها كُلُّ جبار كَفَّارٍ عنيد، يوم يأمر الجبار سبحانه زبانية جهنم فيقول لهم: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ

<<  <   >  >>