للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول:

مناسبة افتتاح القرآن الكريم بسورة الفاتحة

[توطئة]

القرآن الكريم: «هو كلام الله تعالى المنزل على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- المكتوب في المصاحف المنقول إلينا نقلًا متواترًا المتعبد بتلاوته المتحدى بأقصر سورة منه» (١).

والقرآن: «كلام الله منه بدا، بلا كيفية قولًا، وأنزله على رسوله وحيًا، وصدَّقه المؤمنون على ذلك حقًّا، وأيقنوا أنه كلام الله -تعالى- بالحقيقة، ليس بمخلوق ككلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر» (٢).

وهو: المعجز بلفظه، فآياته فاقت الغاية دقة وإحكامًا، وتجلت عيانًا وضوحًا وبيانًا، سبحانه: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١)} [هود]، فهي: «محكمة في لفظها، مفصلة في معناها، فهو كامل صورة ومعنى» (٣).

فآياته كلها محكمة في سردها، دقيقة في سبكها، متينة في أسلوبها، مترابطة في ارتباط واتصال معانيها، فهي ككلمة واحدة متسعة في معانيها، منتظمة في مبانيها، وهي متماسكة مترابطة آخذ بعضها برقاب بعض، كأنها سبيكة واحدة، وعقد فريد متماسك متناظم على أكمل وأتم الوجوه، يسير إعجازها سريان الماء المتدفق في نهر جار.

وهي مع ذلك كله: فهي «محكمة متقنة لا نقص فيها ولا نقض لها كالبناء المحكم» (٤).


(١) تاريخ القرآن الكريم-رابطة العالم الإسلامي-سلسلة دعوة الحق-السنة الثانية- (١٤٠٢ هـ).
(٢) الطحاوية (١/ ١٧٢).
(٣) ابن كثير (٤/ ٣٠٣).
(٤) فتح القدير (١/ ٦٤٧).

<<  <   >  >>