للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له فيه العاقبة المحمودة، وإن كان مسخوطًا مبغوضًا كان ما حصل له بتوكله مضرة عليه، وإن كان مباحًا حصلت له مصلحة التوكل دون مصلحة ما توكل فيه إن لم يستعن به على طاعاته، والله أعلم.

وكثير من المتوكلين يكون مغبونًا في توكله، وقد توكل حقيقة التوكل، وهو مغبون؛ كمن صرف توكله إلى حاجة جزئية استفرغ فيها قوة توكله، ويُمكنه نيلها بأيسر شيء، وتفريغ قلبه للتوكل في زيادة الإيمان والعلم ونصرة الدين والتأثير في العالم خيرًا، فهذا توكل العاجز القاصر الهمة، كما يصرف بعضهم همته وتوكله ودعاءه إلى وجع يمكن مداواته بأدنى شيء، أو جوع يمكن زواله بنصف رغيف، أو نصف درهم، ويدع صرفه إلى نصرة الدين، وقمع المبتدعين، وزيادة الإيمان، ومصالح المسلمين، والله أعلم» (١).

سادسًا: ثمرات الاستعانة بالله:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «فإذا حصل الاستعانة بالله واستهداؤه ودعاؤه والافتقار إليه أو سلوك الطريق الذي أمر بسلوكها هدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦)} [النور]» (٢).

وبتحقيق الاستعانة يحصل كمال الاهتداء

كما بين ذلك شيخ الإسلام في قوله: «وحقيقة الأمر أن العبد مفتقر إلى ما يسأله من العلم والهدى، فبذكر الله والافتقار إليه يهديه الله ويدلّه كما قال: «يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم» (٣).

وكما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات


(١) مدارج السالكين (١/ ٥٢١).
(٢) الصفدية (١/ ٢٠٥ (.
(٣) مسلم (٢٥٧٧) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>