للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بربهم يعدلون»، فانظر في قوله: (من أجل عقده بالنعم المختلفة) فإنه هادٍ بإشارته إلى ما جاء «السعد» فمنحه بعضًا من البيان» (١).

وقول القرطبيّ آنفًا يشير إلى أنه إن كانت السور الخمس كلها مفتتحة بالحمد، فكان مفتتح سورة واحدة يُغني عن الافتتاح في بقيتها بالحمد، فأشار أن لكل حمد في مفتتح كل سورة من تلك السور معنى خاص لا يقوم مقامه غيره لأن الحمد في مطلع كل سورة من تلك السور إنما أنزل ووُضِعَ وعُقِدَ لأجل نعمة مختلفة عن باقي المواضع في السور الآخرى، وإن كان كله يسمى حمدًا.

ثالثًا: العلاقة الخاصة بين الفاتحة وبين كل سورة من تلك السور المفتتحة بالحمد.

[١ - سورة الأنعام]

يعمد البقاعي في (نظم الدرر) إلى تفصيله مبينًا احتواء سورة (أمّ الكتاب) على مقتضيات الحمد على كمال الذات وعلى جميع نعم الإيجاد والإبقاء.

فالحمد على كمال الذات قوله -سبحانه وتعالى-: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الأنعام: ١] أي: (أنه المستحق لجميع المحامد لا لشيء غير ذاته الحائز لجميع الكمالات) أما الإيجاد الأول في قوله -سبحانه وتعالى-: {رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٥)} [الأنعام] فإنَّ الإخراج من العدم إلى الوجود أعظم تربية.

وأما الإبقاء الأول في قوله -سبحانه وتعالى-: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)} أي: المنعم بجلائل النعم ودقائقها التي بها البقاء.

وأما الإيجاد الثاني في قوله -سبحانه وتعالى-: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} وهو ظاهر (أي: لا يكون مالكًا لهذا اليوم إلا إذا أوْجَدَ الخلق مرة ثانية كمثل ما أوجدهم في الأول).


(١) العزفُ على أنوار الذِّكر (١/ ٥٨).

<<  <   >  >>