للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأرض-أَنِسَت رُوحُه بالله، واطمأنت نفسه بذكره، ولم تزلزله الأعاصير والفتن، وتوجه إلى ربه بالدعاء، والالتجاء، والاستعاذة، وكان دائمًا خائفًا من تقصيره، وذنبه؛ لأنه يعلم قدرة ربه عليه، ووقوعه تحت قهره وسلطانه، فتحصل له بذلك التقوى، والتقوى رأس الأمر، بل هي غاية الوجود الإنساني» (١).

ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ رسولًا» (٢).

القسم الثاني: توحيد الألوهية.

تعريفه: يقول حافظ الحكمي -رحمه الله-: «هو: إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة؛ الظاهرة، والباطنة، قولًا، وعملًا، ونفي العبادة عن كل مَن سوى الله تعالى كائنًا من كان».

ويقول في سلَّم الوصول أيضًا:

هذا وثاني نوعي التوحيد … إفرادُ ربِّ العرش عن نَدِيدٍ

أن تعبد الله إلهًا واحدًا … معترفًا بحقه لا جاحد (٣)

ويتضح من ذلك: أن توحيد الألوهية يعني: إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة التي شرعها لعباده وأمرهم بها، من صلاة وزكاة وصيام وحج ودعاء ونذر ونحر ورغبة ورهبة وخوف ورجاء وخشية وتذلل وخشوع وخضوع واستعانة واستغاثة وتوكل، إلى غير ذلك من أنواع العبادة، وهو توحيد الله تعالى بأفعال عباده التي أمرهم بها، فتصرف جميع أنواع تلك العبادة وغيرها لله وحده لا شريك له.

ولقد أرسل الله جميع الرسل لتحقيقه، وهو أكثر ما يعالجونه مع أقوامهم، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦]، وهذا النوع من أنواع التوحيد هو الذي وقعت فيه الخصومة بين الرسل وأممهم لإنكارهم


(١) ينظر: منهج جديد لدراسة التوحيد للشيخ عبد الرحمن عبدالخالق (ص ٨٢).
(٢) مسلم (٣٤).
(٣) معارج القبول شرح سلّم الأصول (١/ ٣١).

<<  <   >  >>