للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَحْتَ رِقِّهَا سَبَبًا لِنَيْلِ الْإِعَانَةِ، وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَتَمَّ عُبُودِيَّةً كَانَتِ الْإِعَانَةُ مِنَ اللَّهِ لَهُ أَعْظَمَ» (١).

«وقُدِّمت العبادةُ على الاستعانة؛ لكون الأُولَى وسيلة إلى الثانية، وتقديم الوسائل سبب لتحصيل المطالب، وإطلاق الاستعانة لقصد التعميم» (٢).

والعبودية حق الرب جل في علاه، والاستعانة حظ العبد الفقير إلى خالقه وسيده ومولاه، وحق السيد مقدم على حظوظ عبيده.

رابعًا: بيان أقسام الناس في العبادة والاستعانة:

إن الخلق في هذا الباب متفاوتون ومتباينون، والمتأمل في ذلك يرى بينهم بونًا شاسعًا.

القسم الأول:

فأعلاهم منزلة وأعظمهم عبودية واستعانة أهل التقوى والإيمان، الذين قد جمع لهم الله خيري تحقيق العبودية وكمال الذل والافتقار إليه والبراءة من الحول والقوة بلزوم الاستعانة به سبحانه، وهؤلاء هم المقسطون الذين وحدوا الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وهم المُنعَمُ عليهم من عباد الله الموصوفون في سورة النساء في قوله سيحانه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩)} [النساء].

والقسم الثاني:

وأدناهم وأخسهم وأحطهم منزلة خلق لا عبودية لهم ولا استعانة، وهؤلاء إنما كانوا كذلك لأنهم قد فات عليهم تحقيق جانبي العبودية والاستعانة وهما أصلا الشرع وقوام الدين، فقد استغنوا عن خالقهم بأنفسهم، وقد تُلجؤهم الشدائدُ لسؤال


(١) مدارج السالكين (١/ ١٦٢).
(٢) فتح القدير للشوكاني (١/ ١٠).

<<  <   >  >>