للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الزبيدي: «أصل العبودية الذل والخضوع، وقال آخرون: العبودية الرضا بما يفعل الرب، والعبادة فعل ما يرضى به الرب» (١).

[ب-مفهوم العبودية في الشرع]

والعبودية مشتقة من العبادة، وقد عرّفها ابن تيمية بقوله: «هِيَ اسْم جَامع لكل مَا يُحِبهُ الله ويرضاه من الْأَقْوَال والأعمال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة» (٢)، وقيل: «وَهِيَ اسْمٌ يَجْمَعُ كَمَالَ الْحُبِّ لِلَّهِ وَنِهَايَتَهُ وَكَمَالَ الذُّلِّ لِلَّهِ وَنِهَايَتَهُ» (٣).

ولا شك أن تعريف ابن تيمية -رحمه الله- تعريف جامع مانع، وهو أفضل مَن عرف معنى العبودية وكتابه: (العبودية) شاهد عيان على ذلك، وقد عرض فيها حقيقة العبودية في الإسلام بشموليتها وكمالها وتمامها، وهو من أنفع وأمتع ما كُتِبَ في بابه تحقيقًا وتدقيقًا وسبكًا وحبكًا للأسلوب وعرضًا للمادة العلمية، لم لا وهو إمام جهبذ وعالم نحرير ما جادت لنا بمثله الأرحام من ذاك الزمان.

وقال ابن القيم -رحمه الله-: «العبودية اسم جامع لمراتب أربع: من قول اللسان والقلب، وعمل القلب والجوارح.

فقول القلب هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه وعن أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته على لسان رسله -عليهم السلام-.

وقول اللسان الإخبار عن قول القلب بما فيه من الاعتقاد والدعوة إليه والذّب عنه، وتبيين بطلان البدع المخالفة والقيام بذكره وتبليغ أوامره.

وعمل القلب كالمحبة له والتوكل عليه والإنابة إليه والخوف منه والرجاء له وإخلاص الدين له والصبر على أوامره وعن نواهيه وعلى أقداره والمعاداة فيه والخضوع والذل له وغير ذلك من أعمال القلب.


(١) تاج العروس (٢/ ٤٠٩).
(٢) العبودية لابن تيمية (ص: ٤٤).
(٣) مجموع الفتاوى (١٠/ ١٩).

<<  <   >  >>