الرحمن والرحيم اسمان من أسماء الله تعالى، دالان على اتصافه سبحانه بالرحمة، واسم الرحمن يدل على سعة رحمته تبارك وتعالى الواصلة لعموم خلقه-مؤمنهم وكافرهم -برِّهم وفاجرهم-، واسم الرحيم يدل على رحمته الخاصة بعباده المؤمنين وعلى هذا جماهير من أهل العلم.
وفي هذه الدلالة يقول ابن القيم: الرحمن «فإن رحمته تمنعُ إهمالَ عباده، وعدم تعريفهم ما ينالون به غايةَ كمالِهم؛ فمن أعطى اسم «الرحمن» حقه عَرَف أنه متضمِّن لإرسال الرسل، وإنزال الكتب، أعظمَ من تضمنه إنزال الغيث، وإنبات الكلأ، وإخراج الحَبّ؛ فاقتضاء الرحمة لما تحصل به حياة القلوب والأرواح أعظم من اقتضائها لما تحصل به حياة الأبدان والأشباح، لكن المحجوبون إنما أدركوا من هذا الاسم حظَّ البهائم والدواب، وأدرك منه أولو الألباب أمرًا وراء ذلك» (١).
هذا ومع كونهما متعلقان بتوحيد الأسماء والصفات إلا أنهما متضمنان لربوبية الله وإيصال رحمته العامة لعموم خلقه ورحمته الخاصة لعباده المؤمنين، وعلى هذا ففيهما الدلالة الكاملة التامة لتوحيدي الأسماء والصفات والربوبية جميعًا، ومن هذه الدلالة كان تقسم بعض أهل العلم ومنهم ابن القيم -رحمه الله- إلى تقسيم التوحيد إلى قسمين اثنين فقط، وجعلوا توحيد الربوبية والأسماء والصفات قسمًا واحدًا، لدلالة الأسماء والصفات على ربوبية الله تعالى.
(١) ينظر: تفسير القرآن الكريم. لابن القيم (ص: ١٢)، وهذا التفسير ليس مَن جمع ابن القيم نفسه -رحمه الله-؛ وإنما أُخِذَ من مجموع مؤلفاته.