للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه الدلالة أيضًا يقول ابن سعدي: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)} «اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمت كل حيّ، وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله.

فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة، ومَن عداهم لهم نصيب منها» (١).

ويؤكد الشنقيطي -رحمه الله- هذه الدلالة أيضًا فيقول: «هما وصفان لله تعالى واسمان من أسمائه الحسنى، مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، والرحمن أشدُّ مبالغة من الرحيم؛ لأن الرحمن هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة، والرحيم ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة، وعلى هذا أكثر العلماء»؛ اهـ (٢).

واسم {الرَّحْمَنِ} علم على الذات الإلهية لا يُتسمَّى به غيره سبحانه، وهو «اسم لا يستطيع الناس أن ينتحلوه، تَسمَّى به تبارك وتعالى» (٣).

وكذلك اسم الـ (رب) فإنه دال على الربوبية العامة لعموم الخلق، والربوبية الخاصة لعباد الله المؤمنين يربيهم ربهم بالإيمان والعمل الصالح، وفي هذا أيضًا الدلالة على توحيد الربوبية كما لا يخفى، هذا مع كون اسم الرب علم على الذات الإلهية وهو اسم من أسمائه الحسنى.

وكذلك {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} فإنه دال على وصف الله بالملك التام يوم القيامة الذي يعنى أنه ملكَ الحكمَ وفصلَ القضاءِ بين الخلائق يوم الحساب، متفرِّدًا بذلك سبحانه وتعالى.

ومما يدلل على ذلك كله جملة: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ تعالى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} قَالَ اللَّهُ تعالى: «حَمِدَنِي عَبْدِي» وَإِذَا


(١) تفسير ابن سعدي (١/ ٣٢).
(٢) أضواء البيان للشنقيطي (١/ ٦).
(٣) تفسير ابن أبي حاتم (١/ ٢٥).

<<  <   >  >>