للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{أَهْلِ الْكِتَابِ}، لا بخصوص السبب كما هو معلوم، وأيضًا قد عمم ذلك بعض أهل التفسير، وواقعهم في كل زمان ومكان يشهد لذلك.

قال الفخر الرازي -رحمه الله-: «إن اليهود والنصارى استخرجوا حيلة في تشكيك ضعفة المسلمين في صحة الإسلام، وهو أن يظهروا تصديق ما ينزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- من الشرائع في بعض الأوقات، ثم يظهروا بعد ذلك تكذيبه، فإن الناس متى شاهدوا هذا التكذيب، قالوا: هذا التكذيب ليس لأجل الحسد والعناد، وإلا لما آمنوا به في أول الأمر، وإذا لم يكن هذا التكذيب لأجل الحسد والعناد وجب أن يكون ذلك لأجل أنهم أهل الكتاب، وقد تفكروا في أمره واستقصوا في البحث عن دلائل نبوته فلاح لهم بعد التأمل التام والبحث الوافي أنه كذاب، فيصير هذا الطريق شبهة لضعفة المسلمين في صحة نبوته، وقيل: تواطأ اثنا عشر رجلًا من أحبار يهود خيبر على هذا الطريق» (١).

وهذا القول هو أحد قولي الفخر الرازي في الآية الكريمة.

٦ - ومن خصائهم تقديس الصليب واتخاذه شعارًا لدينهم المحرف.

فقلما تجد نصرانيًّا في العالم إلا وهو مُعَلِّق للصليب في رقبته أو موسومًا به في جسده كما تُوسم البهائمُ، أوليس الصليب عندهم وفي اعتقادهم هو أداة التعذيب التي صُلِبَ وعُذّبَ ومات عليها المسيح عليه؟ فلماذا يُقدس النصارى الصليبَ ويتخذونه شعارًا لهم؟ فهل يُعقل أن يُخلِد عاقلٌ أداةً صُلِبَ وعُذِبَ وقُتِل عليها أعز عزيز لديه؟ ولا يوجد لدى النصارى دليل على حمل الصليب فضلًا عن تقديسه وتعظيمه وإجلاله وإكباره (٢).


(١) تفسير الفخر الرازي (٤/ ٢٥٤).
(٢) والصليب، في المسيحية (النصرانية)، هو المكان الذي تقابلت فيه محبة الله مع عدله.
ويسوع المسيح هو حمل الله الذي ينزع خطية العالم (يوحنا ١: ٢٩). هكذا يعتقدون كما هو في إنجيل يوحنا. وتهتم الكنيسة المسيحية (النصرانية)، بالصليب اهتماما عظيمًا، فالصليب=

<<  <   >  >>