للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - دلالة التفكر في الأنفس: إن من أعظم وأجل الدلالات على ربوبية الله تعالى: تلك النفس المخلوقة التي بين حنبي الإنسان، وصاحب الفطرة السوية والعقل السليم حينما يعملهما في التأمل في خلقته وإيجاده من عدم، ويتأمل مراحل خلقه وتكوينه يستدل بهما على ربوبية الخالق البارئ المصور سبحانه وتعالى، قال ربنا: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤)} [المؤمنون: ١٢ - ١٤].

يقول الطاهر ابن عاشور -رحمه الله-: «وهذا شروع في الاستدلال على انفراد الله تعالى بالخلق وبعظيم القدرة التي لا يشاركه فيها غيره، وعلى أن الإنسان مربوب لله تعالى وحده، والاعتبار بما في خلق الإنسان وغيره من دلائل القدرة ومن عظيم النعمة.

فالمقصود منه إبطال الشرك، لأن ذلك الأصل الأصيل في ضلال المعرضين عن الدعوة المحمدية» (١).

ويقول العلَّامة محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: «بيَّن -جل وعلا -في هذه الآية الكريمة، أطوار خلقه الإنسان ونقله له، من حال إلى حال، ليدل خلقه بذلك على كمال قدرته واستحقاقه للعبادة وحده جل وعلا» (٢).

وقال سبحانه: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧)} [الشمس] أي: «عدل خلقها وسوى أعضاءها» (٣).

و «أنشأها وأبدعها مستعدة لكمالها؛ وذلك بتعديل أعضائها وقواها الظاهرة والباطنة» (٤).


(١) التحرير والتنوير (١٩/ ٢٢).
(٢) أضواء البيان (٥/ ٣٢٢).
(٣) البغوي (٨/ ٤٣٨).
(٤) روح المعاني للألوسي (٣٠/ ١٤٣).

<<  <   >  >>