للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظَّالِمِينَ (٥)} [الجمعة]» (١).

وبهذا التعريف الشامل لضروب الهداية وأقسامها ومعانيها للفيروزآبادي، يُختم مبحثُ التعريف بالهداية بمعنييها اللغوي والاصطلاحي.

ثالثًا: بيان أن مطلب الهداية هو أعظم وأجل المطالب:

والدعاء في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} هو أعظم وأجل وأعز المطالب، وقد قدم العبد بين يديه حمدًا لربه وثناءً عليه وتمجيًدا وتعظيمًا وذلًّا وخضوعًا، مقرًا له بالربوبية والألوهية مثنيًا عليه سبحانه بأسمائه وصفاته.

وفي ذلك يقول ابن القيم -رحمه الله-: «وَلَمَّا كَانَ سُؤَالُ اللَّهِ الْهِدَايَةَ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ أَجَلَّ الْمَطَالِبِ، وَنَيْلُهُ أَشْرَفَ الْمَوَاهِبِ: عَلَّمَ اللَّهُ عِبَادَهُ كَيْفِيَّةَ سُؤَالِهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْهِ حَمْدَهُ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ، وَتَمْجِيدَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ عُبُودِيَّتَهُمْ وَتَوْحِيدَهُمْ، فَهَاتَانِ وَسِيلَتَانِ إِلَى مَطْلُوبِهِمْ، تَوَسُّلٌ إِلَيْهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَتَوَسُّلٌ إِلَيْهِ بِعُبُودِيَّتِهِ، وَهَاتَانِ الْوَسِيلَتَانِ لَا يَكَادُ يُرَدُّ مَعَهُمَا الدُّعَاءُ» (٢).

ثم يقول -رحمه الله-: «وَقَدْ جَمَعَتِ الْفَاتِحَةُ الْوَسِيلَتَيْنِ، وَهُمَا التَّوَسُّلُ بِالْحَمْدِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَتَمْجِيدِهِ، وَالتَّوَسُّلُ إِلَيْهِ بِعُبُودِيَّتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، ثُمَّ جَاءَ سُؤَالُ أَهَمِّ الْمَطَالِبِ، وَأَنْجَحِ الرَّغَائِبِ وَهُوَ الْهِدَايَةُ بَعْدَ الْوَسِيلَتَيْنِ، فَالدَّاعِي بِهِ حَقِيقٌ بِالْإِجَابَةِ» (٣).

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: و «أَنْفَعُ الدُّعَاءِ وَأَعْظَمُهُ وَأَحْكَمُهُ: دُعَاءَ الْفَاتِحَةِ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} فَإِنَّهُ إذَا هَدَاهُ هَذَا الصِّرَاطَ: أَعَانَهُ عَلَى طَاعَتِهِ وَتَرْكِ مَعْصِيَتِهِ. فَلَمْ يُصِبْهُ شَرٌّ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ» (٤).


(١) بصائر ذوي التمييز (٥/ ٣١٣ - ٤١٣). وينظر: نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (٩/ ٥٦٧).
(٢) مدارج السالكين (١/ ٤٧).
(٣) المرجع السابق (١/ ٤٨).
(٤) مجموع الفتاوي (: ٣٢٠/ ١٤).

<<  <   >  >>