للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الخامس

بيان ما يناقض التوحيد وهو: (الشرك) وما يترتب عليه من أحكام

من الأهمية بمكان فهم مصطلح التعريف بالشرك، وذلك لفهم ما يترتب عليه من مسائل وأحكام وفهم ما يتفرع عن ذلك، ولا شك أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وهذه قاعدة فقهية مشهورة وأولوا العلم على العمل بمقتضاها، وهي قاعدة فقهية مقررة عند الفقهاء وغيرهم من العلماء.

ومفهوم هذه القاعدة أنه قبل الحكم على أمر ما، لا بدَّ من معرفته المعرفة التامة والإحاطة به الإحاطة التامة، وتصوره تصورًا دقيقًا تامًا كذلك، حتى يكون الحكمُ على ذلك الشيء مطابقًا لواقعه.

قال شيخنا العلَّامة ابن عثيمين -رحمه الله-: «ومن القواعد المعروفة المقررة عند أهل العلم: الحكمُ على الشيء فرعٌ عن تصوره؛ فلا تحكمْ على شيءٍ إلا بعد أن تتصوره تصوُّرًا تامًّا؛ حتى يكون الحكمُ مطابقًا للواقع، وإلا حصل خللٌ كبيرٌ جدًّا» (١).

ومما يستدل به على هذه القاعدة من كتاب الله:

قول الله تعالى: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (٦٨)} [الكهف].

قال ابن سعدي -رحمه الله- فيما يستنبط من فوائد هذه الآية الكريمة: «ومنها: الأمر بالتأنِّي والتثبُّت، وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء حتى يعرفَ ما يُراد منه، وما هو المقصود» (٢).


(١) رح الأصول من علم الأصول (ص: ٦٠٤).
(٢) تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي (ص: ٤٨٤).

<<  <   >  >>