للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم اختلفوا في ذلك فقيل: المراد بذلك كفارهم في قولهم بالأقانيم الثلاثة، وهو أقنوم الأب، وأقنوم الابن، وأقنوم الكلمة المنبثقة من الأب إلى الابن، تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا.

وقال السُّدِّي وغيره: نزلت في جعلهم المسيح وأمه إلهين مع الله، فجعلوا الله ثالث ثلاثة بهذا الاعتبار، قال السدي: وهي كقوله تعالى في آخر السورة: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ} [المائدة: ١١٦]» (١).

٢ - الضلال من أخص صفاتهم.

وقد صف الله تعالى النصارى بالضلال فقال سبحانه: {وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (٧٧)} [المائدة].

وأما عن سبب ذلك: فقد قال الطبري في تفسيره:

«وكل حائد عن قصد السبيل وسالك غير المنهج القويم فضَالٌ عند العرب لإضلاله وجه الطريق، فلذلك سمى الله جل ذكره النصارى ضلالًا لخطئهم في الحق منهج السبيل، وأخذهم من الدين في غير الطريق المستقيم، فإن قال قائل: أوليس ذلك أيضًا من صفة اليهود؟ قيل: بلى، فإن قال: كيف خص النصارى بهذه الصفة، وخص اليهود بما وصفهم به من أنهم مغضوب عليهم؟ قيل: إن كلا الفريقين ضلال مغضوب عليهم، غير أن الله جل ثناؤه وسم كل فريق منهم من صفته لعباده بما يعرفونه به إذا ذكره لهم، أو أخبرهم عنه، ولم يسم واحدًا من الفريقين إلا بما هو له صفة على حقيقته، وإن كان له من صفات الذم زيادات عليه» (٢).

[٣ - الغلو والجهل بالحق.]

إن الجاهل بالحق: هو أحق الخلق بوصف الضلال، ومن هنا وُصِفَت النصارى


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ١٥٨).
(٢) تفسير الطبري (١/ ١٩٥).

<<  <   >  >>