للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالله، بل كلما ازداد العبد معرفة بربه، كانت عبادته أكمل، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله، فما خلقهم لحاجة منه إليهم «(١).

فحقيقة التوحيد إذًا:

كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ، فَلَا يُدْعَى إلاَّ هُوَ، وَلَا يُخْشَى إِلاَّ هُوَ، وَلَا يُتَّقَى إِلاَّ هُوَ، وَلَا يُتَوَكَّلَ إِلاَّ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونَ الدِّينُ إِلاَّ لَهُ لَا لأَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ، وَأَلاَّ نَتَّخِذَ المَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا، فَكَيْفَ بِالأَئِمَّةِ وَالشُّيُوخِ وَالعُلَمَاءِ وَالمُلُوكِ وَغَيْرِهِم؟!» (٢).

والتوحيد: هو أصل دعوة النبيين والمرسلين أجمعين.

قال الله تعالى في حقهم: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦].

قال الطبري -رحمه الله-: «يقول تعالى ذكره: ولقد بعثنا أيها الناس في كل أمة سلفت قبلكم رسولًا كما بعثنا فيكم بأن اعبدوا الله وحده لا شريك له، وأفردوا له الطاعة، وأخلصوا له العبادة» (٣).

وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ … إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} [الأنبياء].

[٢ - فضل التوحيد]

وكلمة التوحيد: «هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي قَامَتْ بِهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَفَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا جَمِيعَ الْمَخْلُوقَاتِ، وَعَلَيْهَا أُسِّسَتِ الْمِلَّةُ وَنُصِبَتِ الْقِبْلَةُ، وَجُرِّدَتْ سُيُوفُ الْجِهَادِ، وَهِيَ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ، وَهِيَ الْكَلِمَةُ الْعَاصِمَةُ لِلدَّمِ وَالْمَالِ وَالذُّرِّيَّةِ


(١) تيسير كلام الرحمن في تفسير كلام المنان (٨/ ١٧١٨).
(٢) منهاج السّنّة النّبويّة (٣/ ٤٩٠).
(٣) التفسير) ٩/ ٦٥٦).

<<  <   >  >>