للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القويم مع الذين أنعم الله عليهم بالثبات عليه، وذلك في قوله سبحانه: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، والمنعم عليهم هم الذين قال الله تعالى عنهم: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩)} [النساء].

وفي قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} بيان شرف الصحبة الصالحة ومكانتها وفضلها.

سادسًا: ذكر طرفٍ من قصص الأمم الغابرة وأخبارها وذكر مصيرها: وذلك في قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)}، وفيه بيان انقسام الخليقة لأقسام ثلاثة، منعم عليهم وهم أهل السعادة، ومغضوب عليهم، وضالون، وهما أهلا الشقاء والغواية.

وفيه التحذير من مسالك أهل الغواية والضلال لئلا يحشروا مع سالكي سبلهم.

وكانت الخاتمة: في بيان الطريق المستقيم المؤدي إلى سعادة الدارين لمن سلكه وثبت عليه، وفي تقسيم الخليقة إلى ثلاثة أقسام، بحسب العلم والعمل كما مرَّ معنا آنفًا.

ومن هنا يتضح: أن آيات الفاتحة قد أجملت الأصول التي جاءت مفصلة في القرآن كله، ويتضح من ذلك الحكمة في تنزيلها في أول ما نزل من القرآن، وهي أول سور القرآن ترتيبًا لا تنزيلًا.

ومن هنا أيضًا: يجدر بنا أن نفهم لماذا تسمى الفاتحة بـ «أم الكتاب» وبـ «أم القرآن».

وفي نحو ذلك يقول البقاعي -رحمه الله-: «إن سورة الفاتحة جامعة لجميع ما في القرآن، فالآيات الثلاث الأُول شاملة لكل معنى تضمنته الأسماء الحسنى والصفات العلى، فكل ما في القرآن من ذلك فهو مفصل من جوامعها، والآيات الثلاث الأُخر من قوله: {اهْدِنَا} شاملة لكل ما يحيط بأمر الخلق في الوصول إلى الله، والتحيز إلى رحمته،

<<  <   >  >>