للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الله تعالى مبينًا جبنهم وخوارهم عن اللقاء: {قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (٢٢)} [المائدة]، إلى أن قال الله عنهم: {قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (٢٤)} [المائدة].

وهذا استهزاء مشين وقول غاية في القبح.

وفي وصف حبهم الدنيا وطول البقاء فيها يقول تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (٩٦)} [البقرة].

{وَلَتَجِدَنَّهُمْ} (وَلَتَجِدَنَّهُمْ) بإجماع أهل التفسير الضمير يعود على اليهود.

«والمعنى: ولتجدن اليهود في حال دعائهم إلى تمني الموت أحرص الناس على حياة، وأحرص من الذين أشركوا» (١).

٨ - ومن أخص وأخس صفاتهم نقض العهود والمواثيق والغدر والخيانة وقسوة القلوب.

كما قال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: ١٣].

«{فَبِمَا نَقْضِهِمْ} أي: فبنقضهم، و «ما» صلة، {مِيثَاقَهُمْ}.

قال قتادة -رحمه الله-: نقضوه من وجوه لأنهم كذبوا الرسل الذين جاءوا بعد موسى وقتلوا أنبياء الله ونبذوا كتابه وضيعوا فرائضه {لَعَنَّاهُمْ}.

قال عطاء -رحمه الله-: أبعدناهم من رحمتنا.

وقال الحسن ومقاتل: عذبناهم بالمسخ، {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} قرأ حمزة والكسائي قَسِيَّةً بتشديد الياء من غير ألف، وهما لغتان مثل الذاكية والذكية.


(١) زاد المسير في علم التفسير: (١/ ١١٧).

<<  <   >  >>