للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨)} [الزمر].

ويقول شيخنا الإمام ابن باز -رحمه الله-: «الصور قرن عظيم، ينفخ فيه إسرافيل النفخة الأولى للموت والفزع، والنفخة الثانية للبعث والنشور. هاتان النفختان جاء بهما القرآن الكريم. إحداهما يقال لها: نفخة الصعق، ويقال لها: نفخة الفزع، وبها يموت الناس، والثانية نفخة البعث، وقال جماعة من العلماء: إنها ثلاث: نفخة الفزع، وقد يفزع الناس فقط، ثم تأتي بعدها نفخة الموت، ثم نفخة البعث والنشور. والمحفوظ نفختان فقط، كما دل عليهما كتاب الله العظيم» (١) انتهى.

[ملك الموت -عليه السلام-]

كما قال تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١)} [السجدة].

قال ابن كثير -رحمه الله-: «الظَّاهِر مِنْ هَذِهِ الْآيَة أَنَّ مَلَك الْمَوْت شَخْص مُعَيَّن مِنْ الْمَلَائِكَة كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَر» (٢).

وهو الذي «يتوفى أرواح جميع الخلائق» (٣).

وملك الموت له أعوان من الملائكة تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (٦١)} [الأنعام].

ومن مشاهد العبودية هنا قوله تعالى: {وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} أي: لا يقصرون في قبض روح أحدكم طاعة لله وإنفاذًا لأمره جل في علاه.

قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري: «إنْ قال قائل: أو ليس الذي يقبض الأرواح ملك الموت، فكيف قيل: (توفته رسلنا)، و «الرسل» جملة، وهو واحد؟

قيل: جائز أن يكون الله تعالى ذكره أعان ملك الموت بأعوان من عنده، فيتولون


(١) فتاوى نور على الدرب (٤/ ٣٢٧).
(٢) تفسير ابن كثير (٦/ ٣٦٠ - ٣٦١).
(٣) القرطبي (١٤/ ٨٧).

<<  <   >  >>