للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم».

فأخبر عنهم بكمال برِّ القلوب، مع كمال عمق العلم، وهذا قليل في المتأخرين» (١).

٥ - فوزهم بمحبة الله واصطفائه ورضاه.

فلولا محبته سبحانه واصطفائه لهم ورضاه عنهم، ما أنعم عليهم بالهداية إلى صراطه المستقيم، كما قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠)} [التوبة].

«ومعنى الكلام: رضي الله عن جميعهم لما أطاعوه، وأجابوا نبيه إلى ما دعاهم إليه من أمره ونهيه، ورضي عنه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، لما أجزل لهم من الثواب على طاعتهم إياه، وإيمانهم به وبنبيه -صلى الله عليه وسلم-» (٢).

ولا شك في أن المذكورين في الآية الكريمة هم من المنعم عليهم.

٦ - القدوة.

إن صراط المنعم عليهم واضح بين لمن أنار الله بصيرته، وسالكوا هذا الصراط


(١) عزاه شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى لابن مسعود -رضي الله عنه- (٤/ ١٣٨).
وعزاه أبو نُعَيم في الحلية لعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- بدلًا عن ابن مسعود، ولا يمنع هذا ولا ذاك لكون الصحابة -رضي الله عنهم- تلقوا من مشكاة واحدة، وهي مشكاة النبوة.
وكذا أخرجه الحافظ ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (قاله الشيخ شعيب في تحقيق شرح الطحاوية) (ص: ٥٤٦)، وكذا عزاه أبو إسحاق الشاطبي في الموافقات (٤/ ٧٨) لابن مسعود.
وعمومًا هو مروي بسند منقطع من طريق قتادة بن دعامة السدوسي، وحكم عليه الألباني بالانقطاع في تخريج مشكاة المصابيح (١٩١).
وذكره هنا: إنما هو من باب أنه صحيح المعنى ولا يعارض نصًّا من نصوص الشريعة فيما يعلم الباحث، وكذلك كثرة رواياته مع الضعف والانقطاع توحي أن للأثر أصل، والله أعلى وأعلم.
(٢) تفسير الطبري (١٤/ ٤٣٩).

<<  <   >  >>