للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحق وعدلوا عنه» (١).

«فلهذا تجد أكثر المنحرفين من أهل الكلام، من المعتزلة ونحوهم -فيه شبه من اليهود، حتى أن علماء اليهود يقرءون كتب شيوخ المعتزلة، ويستحسنون طريقتهم، وكذا شيوخ المعتزلة يميلون إلى اليهود ويرجحونهم على النصارى.

وأكثر المنحرفين من العباد، من المتصوفة ونحوهم -فيهم شبه من النصارى، ولهذا يميلون إلى نوع من الرهبانية والحلول والاتحاد ونحو ذلك. وشيوخ هؤلاء يذمون الكلام وأهله، وشيوخ أولئك يعيبون طريقة هؤلاء ويصنفون في ذم السماع والوجد وكثير من الزهد والعبادة التي أحدثها هؤلاء» (٢).

وعن سفيان -رحمه الله- قال: «لا تجد مبتدعًا إلا وجدته ذليلًا، ألم تسمع إلى قول الله -عز وجل-: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الأعراف: ١٥٢]» (٣).

ثامنًا: نداء عام لليهود والنصارى:

قال الله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٦٨)} [المائدة].

قال ابن كثير -رحمه الله-: «يقول تعالى: قل يا محمد: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ} أي: من الدين {حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} أي: حتى تؤمنوا بجميع ما بأيديكم من الكتب المنزلة من الله على الأنبياء، وتعملوا بما فيها، ومما فيها الإيمان بمحمد، والأمر باتباعه -صلى الله عليه وسلم-، والإيمان بمبعثه، والاقتداء بشريعته» (٤).


(١) إغاثة اللهفان (١/ ٢٤).
(٢) شرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٨٠١).
(٣) الدر المنثور (٦/ ٦٩٥).
(٤) تفسير القرآن العظيم (٢/ ١٢٨).

<<  <   >  >>