للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما قال تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤)} [آل عمران].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار» (١).

وهذا الحديث يدلل على أن جميع الرسالات السابقة لرسالة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قد نُسِخَت برسالته، فوجب على كل من بلغته رسالتُه، الإيمانَ والتصديقَ بها واتباعها، يهوديًّا بلغته كان أو نصرانيًّا أو غيرهما من أهل ملل الشرك والكفر قاطبة.

قال النووي -رحمه الله-: «وأما الحديث ففيه نسخ الملل كلها برسالة نبينا -صلى الله عليه وسلم-».

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ» أي: ممن هو موجود في زمني وبعدي إلى يوم القيامة، فكلهم يجب عليه الدخول في طاعته، وإنما ذكر اليهودي والنصراني تنبيهًا على من سواهما؛ وذلك لأن اليهود والنصارى لهم كتاب، فإذا كان هذا شأنهم مع أن لهم كتابًا فغيرهم ممن لا كتاب له أولى» (٢).

ومما يدلل عليه الحديث أيضًا: أن رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- رسالة عامة لجميع الناس إلى قيام الساعة، وهذا من خصائص دعوته ورسالته -صلى الله عليه وسلم-، يقول سبحانه: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: ١٥٨]، و يقول سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا … رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ … (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧]، والأدلة على عموم رسالته -صلى الله عليه وسلم- في نصوص الكتاب والسنة كثيرة ومعلومة.

ولعل فيما مضى كفاية والحمد لله بداية ونهاية.


(١) مسلم (١٥٣).
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (١/ ٢٧٩).

<<  <   >  >>